دور الكنيسة في الاقتصاد الأوروبي في العصور الوسطى

وهناك مظهر آخر من مظاهر العصور الوسطى هو سيطرة الكنيسة وممارستها سلطاناً كبيرًا على الأفراد ليس من الناحية الروحية فحسب بل من الناحية المادية أيضًا. وأصبحت ممتلكات الكنيسة تماثل ممتلكات كبار السادة الإقطاعيين، وأصبحت الكنيسة تمارس سلطة دنيوية ودينية، وتتدخل في تنظيم علاقات الناس وسلوكهم فضلاً عن تنظيم الشرائع الروحية.

وفي ظل هذه الظروف برز بعض المفكرين الاقتصاديين من بين رجال الكنيسة، وتأثروا بالأوضاع الطبقية والاقتصادية وبتعاليم المسيحية والآراء الكنسية، كما تأثروا بأرسطو، فكان فكرهم ربطا بين الفلسفة اليونانية القديمة والتعاليم الإنجيلية والكنسية، وعرف هؤلاء المفكرون بالدكاترة المدرسيين، وتأثر هؤلاء أيضا ببعض الفلاسفة المسلمين الذين عاشوا في الأندلس كابن رشد.

غير أنّه في أواخر العصور الوسطى خفت حدّة سيطرة السلطة الكنسية على الدكاترة المدرسيين تدريجيًا، حتى أظهر بعضهم اعتراضه على آراء الكنيسة [1].