تعريف النظرية ما بعد الكولونيالية
ينتمي مبحث النظرية "ما بعد الكولونيالية" إلى مباحث النقد المعاصر، وهي نظرية ذات توجه سياسي وثقافي، لأنها تستحضر النص الأدبي لفهم الصراعات السياسية والثقافية بين الغرب والشرق.
يتسع الحيز الجغرافي للنظرية "ما بعد الكولونيالية" ليشمل كل ثقافة تأثرت بالعملية الاستعمارية، كما أن هذا الحيز يتنوع بتنوع الثقافات التي عانت من الهيمنة بمعناها الواسع.
المصطلح
قبل الشروع في عرض المفاهيم التي وردت حول "النظرية ما بعد الاستعمارية"، يتوجب علينا الإشارة إلى أن المصطلح ورد بصيغتين مختلفتين في النقد المعاصر، "ما بعد الكولونيالية" و "ما بعد الاستعمارية"، والحقيقة أن الاختلاف قائم في المصطلح، فالأول معرب والثاني مترجم، أما الدلالة فواحدة.
مفهوم النظرية ما بعد الكولونيالية
يوظف سعد البازعي و ميجان الرويلي مصطلح "النظرية ما بعد الاستعمارية"، وهو يقترن عندهما بمصطلح "خطاب ما بعد الاستعمار". هذا الأخير يشير "إلى تحليل ما بلورته الثقافة الغربية في مختلف المجالات من نتاج يعبر عن توجهات استعمارية إزاء مناطق العالم الواقعة خارج نطاق الغرب" 03[1]. إذن فالنظرية "ما بعد الكولونيالية" تعنى بتحليل البنى المعرفية الغربية التي أضمرت توجهات استعمارية إزاء مناطق تتموقع خارج حيز هذه الثقافة.
في لفظة "ما بعد"
تشير آنيا لومبا إلى أن "المصطلح نوقش بعنف على أصعدة عديدة. وقبل كل شيء في البادئة بعد تعقد الأمور لأنها تفترض نتيجتين بمعنيين: زمني كالقدوم فيما بعد. وأيديولوجي كحلول شخص أو شيء محل آخر (كالاستئصال). إن المعنى الثاني هو الذي وجده نقاد المصطلح مثيرا للجدل: فإذا ما كانت أشكال جور الحكم الاستعماري لم تمحى بعد، فربما يكون من السابق لأوانه إعلان زوال الاستعمار" 04[2]. لأن الاستعمار ما زال قائما بأشكال مختلفة، ومن بين أشكاله استنزاف ثروات البلدان التي استعمرت تحت شعار الشركات المتعددة الجنسيات.
ما بعد الكولونيالية وما بعد الحداثة
يقترن مصطلح "ما بعد الكولونيالية" مع مصطلح "ما بعد الحداثة". وهذا الترابط يفسره البعض بـ "ترافق النهوض بالاهتمام بما بعد الكولونيالية، مع نهوض ما بعد الحداثة في المجتمع الغربي. وقد قاد هذا إلى الخلط الكبير والفوضى بين الاثنين خصوصا، لأن المشروع الرئيسي لما بعد الحداثة هو تفكيك السرود المركزية الكبرى والعقلانية المركزية للثقافة الأوروبية، وهو ما يشابه المشروع الرئيسي لما بعد الكولونيالية في تفكيك ثنائية المركز/الهامش للخطاب الإمبريالي" 05[3].
تشترك "ما بعد الحداثة" مع "ما بعد الكولونيالية" في الإطار الزمني. أما من الناحية الفكرية فإنهما يتقاطعان في نقد المركزية الأوروبية.