اهتم  الدارسون بكل أنواع  الخطاب و بخاصة  الخطاب الأدبي  الذي تنوعت مقارباته  ، فمن المقاربة السياقية  إلى المقاربة اللسانية فالمقاربة المباشرة تولد لدينا أكثر من اتجاه اهتم أصحابه بدراسة الخطاب الأدبي و قضاياه و إشكالاته. و لقد أنتهت  هذه الدراسات إلى أن هذا الخطاب يمتاز بكثافة لغوية و إيديولوجية يصعب حصرها في مجال واحد  . لذا  فطموح مقياس تحليل الخطاب يتمثل  في نقل ما تراكم من هذه المعارف للطالب خاصة ما تعلق منها  بالخطاب  الأدبي و أنواعه و أصوله و قضاياه المضمونية و الشكلية ،  و بصورة عامة  الإفادة من الدراسات التي اهتمت بتحليل الخطابات أدبية كانت أم غير أدبية  ؛ لأن الوصول بالطالب إلى تذوق كافة أشكال الخطاب لن يحصل إلا إذا توفرت له الأدوات المنهجية الكافية  ، و التي توفرها  النظريات المهتمة بالخطاب  و لاسيما  منها الدراسات اللسانية .

لذا فإن تدريس هذا المقياس نهدف من ورائه إلى :

-تعميق معارف الطلبة بميدان تحليل الخطاب و التركيز على المفاهيم الأساسية التي قام عليها هذا التخصص بالتوقف المطول عند أهمها ، و لفت انتباه الطلبة إلى  مقاربات تحليل الخطاب خاصة منها اللسانية ، و دفعهم  إلى تدقيق معلوماتهم و تمحيصها بما يتماشى مع طبيعة المقياس.

-  تكوين طلبة متخصصين في هذا المجال الواسع الذي يمتاز بانفتاحه الدائم على المجتمع ،كما نهدف إلى توجيه نظرهم إلى بعض أنواع الخطاب التي أثبتت النظريات الحديثة إمكانية مقاربتها و تحليلها ، و بالتالي فهمها و تأويلها في حدود ما تسمح به هذه النظريات من جهة ، و ما تنضح به هذه الخطابات من حمولة معرفية من جهة أخرى .

-استثمار المفاهيم و المصطلحات المرتبطة بالخطاب في التحليل بتوفير الأفق المعرفي  الأنسب الذي يضمن للطالب فهم أفضل للخطاب.

لقد شد تحليل الخطاب اهتمامي بقضاياه  الكثيرة و إشكالاته العويصة  منذ ما يزيد عن ثماني سنوات(2009-2018) ،فرحت أتتبعها بنهم معرفي كبير ؛ على هامش تخصصي الذي أفردته للسرديات و قضايا الرواية الجديدة  ، و بجوار مقاييس عديدة درستها في مرحلتي الليسانس و الماستر منها: السيميولوجيا ، و المدارس النقدية ،و الأدب المعاصر ،و الأدب الشعبي ، و السرديات...الخ  .تأكد لي خلال هذه الرحلة الطويلة و الشاقة أهمية تدريس تحليل الخطاب لطلبتنا الذين كانوا بحاجة إلى اتباع سبيل منهجي قادر على تخطي الحد المعرفي الذي يفصل تحليل الخطاب عن حقول معرفية كثيرة يتداخل معها أو تقاطعت معه ، فكان هذا إشكال كبير ،حاولت التوقف عنده في سلسلة هذه المحاضرات التي مثلت تحديا حقيقيا لي بعيدا عن فكرة التخصص التي لم تمنعني من شد الرحال تجاه عوالم معرفية خصبة أضاءت لي الكثير من دروب المعرفة في مفهومها الواسع الذي لا يعترف بالحدود بين التخصصات .فعسى أن تكون هذه المحاضرات زادا يفيد طلبتنا الأعزاء في أبحاث ذات صلة بهذا الحقل المعرفي.