Section outline

  • الفصل الاول : ما هية الضبط الاقتصادي

    المبحث الأول : عموميات حول الضبط الاقتصادي

    المطلب الأول: تطور دور الدولة من الحراسة إلى الضبط

    تاريخ دور الدولة في الاقتصاد يمثل عامل تفسيري لا نقاش فيه لتطور القانون العام فبعدما كانت الدولة في فرنسا رأسمالية (حارسة) (باعتبارها نموذجا احتذت به اغلب الدول ذات النظم القانونية اللاتينية و منها الجزائر ) أصبحت تتدخل في الاقتصاد بشكل مباشر ثم في فترة تأرجح دورها بين التدخل و بين (الحراسة) ليظهر بعد ذلك نوع من التسوية بين المذهبين، لتظهر الدولة بوجه جديد فبعدها كانت ليبرالية و مرة تدخلية فهي من الأن فصاعدا ضابطة بالمعنى الواسع للكلمة، غير أنه وصف الدولة بالضابطة أعقبته مراحل أخرى يجدر بنا التعرض لها.

    أولا- دور الدولة في الليبرالية الاقتصادية

    عند التعرض لليبرالية الاقتصادية دائما يتم الإشارة إلى الكتاب الشهير لمؤلفه آدم سميث المعنون "بغنى الأمم" و الذي يعتبر المؤسس لليبرالية الاقتصادية ، و وفق مذهبه : المحيط الاقتصادي يعمل بموجب (ضابطية ذاتية) مما يجعل من تدخل الدولة غير مجدي بل أكثر من ذلك مضر.

    غير أن الباحثين في المذاهب الاقتصادية يؤكدون أن الليبرالية الاقتصادية المطلقة لا تلغي وجود الدولة الضامنة، أي أن الدولة يجب أن تعمل على حفظ النظام و ذلك بحماية الحريات التي تقوم عليها الليبرالية حيث يقول Burdeau   " يجب ترك قانون السوق  يلعب دوره إذا تعلق الأمر بالأجور و ظروف العمل، بالفعل هناك صراع و لكن الدولة لا يمكن أن تشارك إلا كمتفرج مشغول فقط على فرض قاعدة احترام الصراع و التي تعني مشاركة العمال و الإطارات في  الأجهزة الاقتصادية بشكل مباشر(التسيير الذاتي )

    ثانيا- دور الدولة المتدخلة

    بعد الحرب العالمية الاولى و بداية ازمة 1929 أصبح للدولة دور في حماية الافراد من الازمة و اتخاذ تدابير حقيقية لتصحيح أثار السوق ، هذا التدخل يقوم في شق منه على افكار " كينز" Keynes »  « 

    حيث اصبح للدولة امكانية ضخ رؤوس اموال في المسار الاقتصادي و بهذا خلفت اليد المرئية اليد غير المرئية للسوق، و بهذا ايضا اصبح القانون العام متوافقا مع الشكل الجديد للدولة حيث جاء في ديباجة  دستور 1946 تجسيدا و تكريسا لمبدا التأميمات الذي يعد مبدا تدخلي . كما ان القاضي الاداري اعطى نوعا من الشرعية لهذا التدخل لما سمح لنفسه مراقبة هذه التدابير التدخلية .

    و في قرار « Monpeurt » لسنة 1942 المتعلق بلجان التنظيم لصناعة الزجاج ، اعتبر مجلس الدولة تلك اللجان تسير مرافق عامة و تصدر قرارات ادارية يمكن الطعن فيها بالإلغاء .

    كذلك قرار " Nevert" الصادرعن مجلس الدولة الفرنسي دائما في 30/05/1930 الذي أعطى الشرعية لتمارس جماعة  محلية نشاطا اقتصاديا.

    و عليه أصبح للدولة دور تدخلي مباشر في الاقتصاد عكس ما كان الحال عليه أيام دور الدولة الحارسة، حيث تكرس الامر أكثر بعد الحرب العالمية الثانية.

    ثالثا- الدولة الضابطة

    في منتصف السبعينات بدأت نسبة نمو الاقتصاد الفرنسي تنخفض و عجز المنظرون "الكنزيون " (نسبة للاقتصادي " كنز"  Keynes »  «  عن تقديم علاج لهذا التراجع الاقتصادي فتم اللجوء إلى نظرية "حايك" Hayek » «  لكن كانت القرارات المتخذة ذات تأثير سلبي على المتعاملين الاقتصاديين و تم تعميق آثار الأزمة.

    في سنة 1986 ثم تسجيل عودة اليمين إلى الحكومة في فرنسا التي عمدت إلى إبعاد الدولة عن الاقتصاد عن طريق موجة من الخوصصة .  المثال النموذجي على ذلك هو الأمر رقم 86/1234 لأول ديسمبر 1986 حول حرية الأسعار. غير أنه ابتداء من منتصف الثمانينات أصبحنا نتكلم عن (التدخل الليبرالي) و ذلك لتميز دور الدولة الجديد عن الصورتين السابقتين (دولة حارسة من الأفضل أن لا تتدخل في الاقتصاد فلحماية مبادئ السوق و دولة متدخلة و التي وصفها Rainaud بأنها كاتبة سيناريو و مخرجة و ممثلة و منفذة للتصور. التصور الجديد لدور الدولة أصبح يضمن و يعمل على استقرار و حرية السوق بدل توجيهه و نموه كأن هذا الدور الجديد للدولة عاود الرجوع وفقا للتصور الأكثر أصالة للبيرالية التي لم ترفض كل تدخل للدولة ، غير أننا أصبحنا نستخدم مصطلح جديد هو الدولة الضابطة.

     * ممكن ان نتحدث عن تطور دور الدولة في الجزائر من خلال مداخلة للأستاذ عصام نجاح " النظام المصرفي في الجزائر من التأميم الى الخوصصة"