Section outline
-
كيفية التنفيذ العيني ووسائل إجبار المدين على القيام به
التنفيذ العيني يكون وفقا لما تم الاتفاق عليه من قبل أطراف علاقة المديونية أي الدائن والمدين ، وفي حالة الاخلال بما تم الاتفاق عليه يتم اللجوء إلى إجبار المدين وفقا للطرق التي يقررها القانون.
الفرع الأول: كيفية التنفيذ العيني.
تتوقف كيفية القيام بالتنفيذ العيني للالتزام على طبيعة المحل في الالتزام الأمر الذي يؤدي إلى اختلاف طريقة التنفيذ الجبري باختلاف المحل.
وحيث أن محل الالتزام وفقا لما تمّ التعارف عليه في النظرية العامة للعقد هو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل أو الالتزام بنقل ملكية حق عيني ( الالتزام بإعطاء شيء ).
وحيث أن انتقال الملكية في العقود الرضائية يتم بمجرد توافر أركانها من تراضي، محل وسبب، إذا كان المحل منقولا معينا بالذات ، وبعد الفرز إذا كان المنقول معينا بالنوع.
أما في العقود الشكلية فإن الملكية تنتقل بعد استيفاء الشكلية المباشرة وغير المباشرة، فمثلا في العقارات لا تنتقل الملكية إلا بعد القيام بالكتابة الرسمية والشهر في المحافظة العقارية.
الفرع الثاني : وسائل إجبار المدين على التنفيذ العيني (الغرامة التهديدية )
في الحالة التي لا نحتاج فيها إلى تدخل شخص المدين في تنفيذ الالتزام تكون الأمور متيسرة في التنفيذ وذلك بتسخير القوة العمومية واللجوء إلى ما يعرف بالتنفيذ العيني مباشرة . ولكن في الحالة العكسية عندما تكون شخصية المدين محل اعتبار في عملية التنفيذ ، فإنه لا بد من اللجوء إلى إعمال الغرامة التهديدية أو ما يعرف بالتهديد المالي .
أولا/ تعريف الغرامة التهديدية
هي وسيلة معتمدة لإجبار المدين على التنفيذ العيني للالتزام ، في الحالة التي يتطلب فيها الوضع تدخل المدين في عملية التنفيذ سواء بالسلب أو بالإيجاب ، وهي آلية ابتدعها القضاء الفرنسي وقد تم الأخذ بها من قبل القوانين المعاصرة ومنها القانون الجزائري .
ثانيا/ الغرامة التهديدية من خلال نصوص التشريع الجزائري:
أخذ المشرع الجزائري بالغرامة التهديدية ضمن العديد من المواد القانونية والتي تنتمي إلة نصوص مختلفة كالقانون المدني م 174 و قانون الأجراءات المدنية والادارية 625 وبعض النصوص القانونية الخاصةكنصوص قانون العمل 90/04 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية للعمل وبالأخص المواد 34- 35- 39 منه.
ثالثا/ شروط إعمال الغرامة التهديدية :
حتى يتم إعمال الغرامة التهديدية والحكم بـها من قبل القاضي لابد من توفر عدة شروط وهي :
1- إمكانية تنفيذ الالتزام تنفيذا عينيا : إن الغرض الرئيس من إعمال الغرامة التهديدية أن يكون تنفيذ الالتزام تنفيذا عينيا ممكنا بمعنى أنه لا يزال باستطاعته المدين القيام به ، أما إذا استحال القيام بالتنفيذ العيني بسبب لا يد للمدين فيه ، أو بسبب يرجع للمدين ، فإنه لا يجوز الحكم بالغرامة التهديدية ، ويستوي في ذلك أن يكون المدين شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا.
2- أن يتطلب تنفيذ الالتزام الوجود الشخصي للملتزم : وفي هذه النقطة يجب الإشارة إلى أن الوجود الشخصي يكون مطلوبا سواء في تنفيذ الالتزام سواء بشكل كلي ، أو أن يتم تنفيذه بشكل غير ملائم ، وهذا الشرط هو الذي يمكن من خلال تحديد الحالات التي يمكن فيها للقاضي اللجوء إلى الغرامة التهديدية. وعليه فإن الحالات المتعلقة بنقل ملكية شيء معين بذاته أو التي يكون محلها الالتزام بإعطاء مبلغ من النقود لا يكون فيها القاضي بحاجة إلى إعمال الغرامة التهديدية ، لوجود بدائل أخرى يمكن اللجوء إليها في عملية التنفيذ.
رابعا/ سلطة القاضي في إعمال الغرامة التهديدية وتصفيتها : في حالة توفر الشروط سالفة الذكر فإن القاضي بإمكانه الحكم بالغرامة التهديدية بناء على طلب الدائن بالتنفيذ ، وحيث أن الحكم بالغرامة التهديدية هو أمر جوازي - م 174 قانون مدني - ، بحيث يمكن للمحكمة أن تحكم بها، كما يمكن لها أن لا تحكم بها ، مما يستتبع عدم ارتباطها بالنظام العام ، ولا يحكم بها القاضي من تلقاء نفسه ، ولا يكون الحكم بها إلا بناء على طلب الخصم المقررة في صالحه أو لمصلحته ، ولهذه الأسباب هناك من يرى أن هذا الأمر يعد كشرط ثالث للحكم بها.
ويكون للدائن الحق في طلب الغرامة التهديدية في أية حالة تكون عليها الدعوى ، ويكون له في المطالبة بالغرامة التهديدية حتى أمام المجلس القضائي ولو لأول مرة على اعتبار أن المطالبة بالغرامة التهديدية لا تعتبر من قبل الطلبات الجديدة ، وإنما تعتبر من ملحقات الطلب الأصلي[1].
وفي حالة عدم تحقق الغرض من الغرامة التهديدية، فعلى القاضي أن يقوم بتقدير الضرر الذي أصاب الدائن واللجوء إلى التنفيذ بطريق التعويض أو التنفيذ بمقابل.
وهنا نكون بصدد ما يعرف بتصفية الغرامة التهديدية
رابعا : تصفية الغرامة التهديدية
يشكل طلب تصفية الغرامة التهديدية امتداد للطلب الأصلي المتعلق بطلب الحكم بها
وعليه فإن كل الشروط التي يجب أن تتوفر في طلب الحكم بها يجب أن تتوفر في طلب تصفيتها أ ويختلف الأمر فقط في عدم وجوب المطالبة بالتصفية باعتبار القاضي يمكن أن يلجأ إلى إجراء التصفية من تلقاء نفسه[2].
حيث أنه وبعد مرور مدة العشرون يومنا و بعد امتناع المنفذ عليه عن التنفيذ للحكم القضائي المتضمن الغرامة التهديدية يحرر محضر عدم امتثال أو يمكن أن يغني التصريح والرد الكتابي للمدين بعدم التنفيذ عن هذا المحضر و اذا مانص الحكم على وجود غرامة تهديدية يحيل طالب التنفيذ الى القضاء من اجل القيام بتصفية الغرامة التهديدية التي يصدر في شأنها حكم يحدد قيمتها و يتم حينئذ تنفيذها متى كان الحكم حائزا لقوة الشيء المقضي فيه . وهنا القاضي الذي حكم بها هو الذي يقوم بتصفيتها.
خامسا/ الطبيعة القانونية للغرامة التهديدية :
أورد الدكتور ياسين محمد الجبوري من خلال مؤلفه الوجيز في شرح القانون المدني الأردني وضمن الجزء المتعلق بأحكام الالتزامات جملة من الفوارق التي تحدد طبيعة الغرامة التهديدية وتميزها عن التعويض من جهة وعن العقوبة من جهة ثانية.
5-1 / لا تعتبر الغرامة التهديدية تعويضا : فهي لا تعد تعويضا بأي شكل من الأشكال ، يحكم به لصالح المضرور نتيجة لتخلف المدين عن تنفيذ التزامه أو التأخر فيه ، وذلك لأن الحكم بها يختلف عن الحكم بالتعويض في ثلاث أمور هي كما يأتي :
- الاختلاف من حيث الغرض باعتبار أن الغرض من التعويض هو إصلاح الضرر في حين أن الغرض من الغرامة التهديدية يكمن في إجبار المدين على الوفاء بتنفيذ التزامه تنفيذا عينيا .
- الاختلاف من حيث تقدير المبلغ المحكوم به حيث يهدف التعويض إلى تغطية الخسارة التي لحقت بالدائن والكسب الذي فاته لذلك عادة ما نجد تناسب وتعادل بين حجم الضرر ومقدار التعويض ، أما الغرامة التهديدية فإنها لا تناسب بينها وبين حجم الضرر الذي أصاب الدائن من جراء إمتناع المدين عن القيام بتنفيذ الالتزام الذي هو على عاتقه، وفي كثير من الحالات يفوق مبلغ الغرامة مقدار الضرر الذي تعرض له الدائن والأكثر من ذلك أن القاضي بإمكانه أن يحكم بها حتى في الحالة التي ينعدم فيها الضرر ، باعتبار أن المشرع لم يشترط عنصر الضرر للحكم بالغرامة التهديدية.
- الاختلاف من حيث تسبيب الحكم بها، ينبغي على القاضي حين الحكم بالتعويض أن يسبب قراره ويؤسسه ويسنده أما أثناء الحكم بالغرامة التهديدية فلا داعي لتسبيب القاضي حكمه أو قراره القاضي بها[3] .
5-2 / الغرامة التهديدية ليست عقوبة خاصة : الغرامة التهديدية ليست عقوبة خاصة توقع على المدين المتعنت ، لأن العقوبة حين النطق بها من قبل المحكمة تنفذ كما هي وكما تم النطق بها ، وهذا ما لانراه وما لا نلمسه في الغرامة التهديدية ، فهي حكم وقتي لا يجوز تنفيذه ، وما ينفذ في نطاق الدعوى بها ، هو الحكم النهائي بالتعويض بعد تبين موقف المدين النهائي ، ويجب أن لا يتم تفسير زيادة مبلغ التعويض نتيجة لتعنت المدين وفرض غرامة تهديدية عليه أنها عقوبة خاصة ، إنما يجب ردها إلى اعتبار تعنت المدين وإصراره على عدم تنفيذ الالتزام من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الضرر وازدياده بالنسبة للدائن[4].
التنفيذ بطريق التعويض
جميع الالتزامات ومهما كان مصدرها فإنها تعد قابلة للتنفيذ عن طريق التعويض أو ما يعرف بالتنفيذ بمقابل ، فالتنفيذ العقدي مثلا يمكن تنفيذه بطريق التعويض وخاصة في الحالة التي يصبح فيها التنفيذ العيني مستحيلا بخطأ المدين ، ونفس الشيء عن الالتزامات المتولدة عن الفعل الضار ، حيث يتعذر إصلاح الضرر وإعادة الأوضاع إلى الحالة التي كانت عليها ، مما يؤدي إلى اللجوء إلى التنفيذ بطريق التعويض إل غير ذلك من الحالات .
المبحث الأول : حالات اللجوء إلى التنفيذ بطريق التعويض .
وعليه يمكن حصر الحالات التي يتم اللجوء فيها إلى التنفيذ بمقابل ، أو التنفيذ عن طريق التعويض فيما يلي:
المطلب الأول : إذا استحال على المدين تنفيذ الالتزام تنفيذا عينيا بسبب استحالة ترجع إلى فعله الشخصي .
وهنا لابد من الاشارة إلى أن الاستحالة في هذه الحالة ممكنة التحقق بالنسبة لجميع أنواع الالتزام ما عدا الالتزام بدفع مبلغ من النقود ، الذي يظل ممكنا في جميع الأحوال والظروف [5].
المطلب الثــانـي: إذا كان التنفيذ العيني ممكنا ولكن يؤدي إلى ارهاق المدين
المطلب الثالث : إذا طالب به الدائن ولم يعترض المدين عليه
المطلب الرابع : إذا كان التنفيذ العيني يقتضي تدخل شخص المدين غير أن هذا الأخير رفض ، حتى بعد الحكم عليه بغرامة تهديدية.
المبحث الثاني : أنواع التنفيذ بمقابل (التعويض عن عدم تنفيذ الالتزام )
يتضح لنا من خلال نص المادة 176 من القانون المدني ، أن للتعويض نوعيين وهما :
المطلب الأول : التعويض عن عدم تنفيذ الالتزام
يحل التنفيذ بطريق التعويض محل التنفيذ العيني ولكنه لا يجتمع معه ، وهذا أمر منطقي لأن التنفيذ العين يقطع الطريق أمام اللجوء إلى التنفيذ بمقابل .
المطلب الثاني : التعويض عن التأخر في تنفيذ الالتزام
على عكس ما سبق قوله في المطلب الأول فإن التعويض عن التأخر في تنفيذ الالتزام يمكن أن يجتمع مع التنفيذ العيني ويقصد به تعويض الدائن عن الضرر الذي لحق به بسبب تأخر المدين في التنفيذ ، كما يجتمع نوعا التعويض معا إذا انتهت حالة التأخر في التنفيذ بعدم التنفيذ نـهائيا ، وعندها يشمل التعويض الحق في التنفيذ بطريق التعويض والتعويض عن التأخر في الوفاء[6] .
مع ملاحظة أن الالتزام بالتعويض لا يعد التزاما جديدا يحل محل الالتزام الأصلي الذي يلتزم به المدين ، بحيث أن الضمانات المقررة للالتزام تبقى قائمة لضمان الوفاء بالتعويض .
المبحث الثالث : وسائل التنفيذ بطريق التعويض.
يشترك التنفيذ العيني والتنفيذ بمقابل في الوسائل التي يتم بـها أو في الطريقة التي يتم بـها فقد يقوم به المدين طواعية واختيارا وقد يتم اللجوء الى وسائل الاجبار لحمل المدين على القيام بالتنفيذ بطريق التعويض وتمكين الدائن منه .
وعليه إذا حكم على على المدين بدفع مبلغ من المال كتعويض للدائن ، وتخلف هذا المدين عن القيام بدفع التعويض اختيارا من خلال ما يعرف بالوفاء ، جاز للدائن إجباره على الدفع بطريق التنفيذ الجبري[7] ، من خلال اللجوء الى طرق التنفيذ المنصوص عليها في قانون الاجراءات المدنية والادارية ، وذلك من خلال الحجز على اموال المدين وهذا بطبيعة الحال في الحالات التي يحكم فيها بتعويض مالي من خلال تقرير مبلغ من النقود.
ولكن يمكن أيضا أن يكون التعويض عينا في بعض الحالات ومن الأمثلة على ذلك في بعض الحالات عندما يتم الاعتداء على قطعة أرضية في مكان معينا وتخصيصها لبناء مشروع عام ، فيحكم إما بتعويض مالي أو بتعويض المتضرر بقطعة أخرى في مكان آخر ، وهذا الأمر معمول به في الحياة العملية ونجده أكثر تقبلا من قبل الدائنين لأن الكثير منهم يرفض التعويض المالي ، وهنا يمكن اللجوء التي نفس الوسائل التي كان يتم اللجوء اليها في التنفيذ العيني من خلال عمال الغرامة التهديدية .
المبحث الرابع : كيفية تقدير التعويض.
حسب نص المادة 182 من القانون المدني يتم تقدير التعويض بثلاثة طرق وهي :
1- التقدير القضائي .
2- التقدير القانوني ، كما هو الشأن في التعويض عن حوادث المرور عن طريق سلم يتم من خلاله تقدير التعويض.
التقدير الاتفاقي ، ويعرف أيضا بالتعويض الاتفاقي أو الشرط الجزائي ، حيث نجد أن الشرط الجزائي عبارة عن اتفاق سابق على تقدير التعويض الذي يستحقه الدائن في حالة عدم تنفيذ الالتزام أو التأخر في تنفيذه . وفيه تحديد مسبق لمسؤولية المدين ، وكذا إعمال هذا الشرط كبديل عن الغرامة التهديدية
[1] - حسن قدادة ، المرجع السابق ، ص 31 .
[2] - مزياني سهيلة- الغرامة التهديدية في المادة الادارية - مذكرة مقدمة للحصول على درجة الماجيستير ، كلية الحقوق جامعة الحاج لخضر باتنة ، الموسم الجامعي 2011-2012 ، ص64.
[3] - ياسين محمد الجبوري ، المرجع السابق ، ص 203.
[4] - ياسين محمد الجبوري ، نفس الصفحة ونفس المرجع ص 204.
[5] - السيد محمد السيد عمران – أحكام الالتزام – صادر عن دار الفتح للطباعة والنشر ، طبعة 2007 ، ص 101
[6] - أحمد شرف الدين – الوجيز في أحكام الالتزام – ملخص في شكل محاضرات ألقاها الدكتور عزت عبد المحسن سلامة، مدرس القانون ، بكلة الحقوق جامعة عين شمس . دون ذكر الناشر أو الطبعة .
[7] - السنهوري الجزء المتعلق باحكام الالتزام – ص825.