Section outline
-
أثرت التحولات العميقة التي مست المجتمع في مختلف الميادين على سلطة القضاء حيث كثرت النزاعات وتعددت وصار من الصعب التصدي لها من مرفق القضاء بما يحقق فكرة السرعة في البث فيها ، كما وقد صار من المؤكد أن الرضائية هي الطريق الأمثل في حل الخصومات بدلا من فرض حكم أو قرار صادر من سلطة مؤهلة بعد طول إجراءات التقاضي التي قد تصل لسنوات بسبب تعدد درجاتها وقلة عدد القضاة ضف إلى ذلك نقص الخبرة لدى القضاة على تقديم حلول عادلة في المنازعات تبلغ حدا معينا من التعقيد .
لذلك وفي سبيل تفادي سلبيات العمل القضائي كان من الضروري التفكير في آليات جديدة من شأنها أن تساهم في تسهيل عمليات التقاضي وتحقيق السرعة في حل النزاعات بين المتقاضين وتخفيف عبء القضايا المتراكمة على القضاة واشراك المواطنين في تحقيق العدالة برضا واختيار منه.
وهذا ما كرسه القانون 09/08 المؤرخ في 25 فيفري 2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية في الكتاب الخامس المعنون بالطرق البديلة لحل النزعات وحددها في ثلاث طرق: الصلح والوساطة والتحكيم تشكل في مجموعها منظومة قانونية إجرائية بديلة عن النظام القضائي التقليدي.
ورغم أن المشرع سماها بالطرق البديلة فهذا لا يعني أنها تتم بمعزل عن القضاء ، فهي طرق تتم تحت رقابة القاضي وإشرافه ولا يمكن اقرار ما ينتج عنها إلا إذا كان موافقا لمبادئ التقاضي ومقتضيات النظام العام وهذا بالنسبة للصلح والوساطة أما التحكيم له خصوصية معينة من حيث مكنة استقلال المحكمين في أحيان معينة عن سلطة ورقابة القضاء