Semestre 3

ترجع نشأة رياضيات المؤسسة إلي الحرب العالمية الثانية، حيث قامت وزارة
الدفاع البريطانية قبل هذه الحرب مباشرة بتكوين فريق من العلماء لدراسة المشاكل
الاستراتيجية والتكتيكية المتعلقة بالعمليات العسكرية، بهدف الاستفادة بأكثر فعالية
من الموارد العسكرية (المعدات العسكرية) المحدودة في ذلك الوقت باستخدام الأساليب
الكمية، ولقد ساعدت الأبحاث التي تمت خلال العمليات الحربية في هذه الحرب إلي
التوصل إلي الكثير من الأساليب الرياضية الجديدة، التي تساعد في اتخاذ القرارات
وحل المشكلات الإنتاجية المختلفة، ولقد كان ذلك بمثابة نقطة البداية لظهور ما يعرف حاليا بـ رياضيات المؤسسة - Mathématiques d'entreprises.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، اتجه بعض العلماء المهتمين برياضيات المؤسسة إلي الجامعات ومراكز البحث العلمي،  وركزوا جهودهم لتطوير أساليب رياضيات المؤسسة،  التي نشأت أصلا لحل المشاكل المتعلقة بالعمليات العسكرية، وابتكار أساليب أخري جديدة، كما اتجه البعض الآخر إلي منشآت الأعمال، حيث قاموا بتطبيق الأساليب التي قاموا بتطويرها لحل الكثير من المشاكل التي تواجه تلك المنشآت، ومنها علي سبيل المثال المشاكل المتعلقة بالمخزون السلعي، والمشاكل المتعلقة بتخصيص الموارد والتكاليف، والمشاكل المتعلقة بإحلال الآلات أو معدات الإنتاج، الجدولة...الخ، وأصبحت أساليب بحوث العمليات التي تتناول هذه المشاكل نماذج معيارية، الأمر الذي أدي إلي تشجيع العديد من المنشآت بما فيها المنشآت الصغيرة لأن تستفيد من هذه النماذج في حل العديد من المشاكل التي تواجهها دون أن تستثمر أموال كبيرة في البحوث والدراسات.

هذا وقد ساعد علي انتشار أساليب رياضيات المؤسسة في التطبيقات العملية، عدة عوامل منها التطور الهائل والسريع في الحاسبات الآلية، ونظم وبرامج التشغيل، وزيادة حدة المنافسة بين منشآت الأعمال مما جعلها تلجأ إلي استخدام الطرق والأساليب العلمية التي تساعدها علي تقديم منتجاتها أو خدماتها بالجودة العالية والتكلفة المناسبة، كل هذه العوامل أدت مجتمعة إلى التطور المستمر في مجال رياضيات المؤسسة نتيجة جهود العلماء والباحثين والمنظمات المهنية المعنية.