Section outline

    • المحاضرة رقم 12: مخاطر الصكوك الإسلامية.

      تعرفّ المخاطر من المنظور المالي بأنها: "إمكانية حدوث انحراف في المستقبل بحيث تختلف النواتج المرغوب في تحقيقها عما هو متوقع، أي توقع اختلافات في العائد بين المخطط والمطلوب والمتوقع حدوثه.

      وتتنوع المخاطر التي تتعرض لها الاستثمارات بمختلف أنواعها، ورغم اختلاف الباحثون في تصنيفها وتقسيمها، فإنه يمكننا تقسيم مخاطر الصكوك الإسلامية كما يلي:

       

       

      1- المخاطر المالية للصكوك الإسلامية:

      وهي المخاطر المتصلة بإدارة الموجودات والمطلوبات، وتتعرض الصكوك الإسلامية إلى هذه المخاطر مثلها مثل الأوراق المالية المتداولة في الأسواق المالية، وأهم ما يمكن توقعه من مخاطر مالية ومدى تأثيرها على الصكوك الإسلامية، ما يلي:

      أولاً: المخاطر الائتمانية:وتسمى كذلك "مخاطر التمويل" أو "مخاطر الاستثمار" أو "مخاطر المداينة"، وتعرف بوجه عام بأنها المخاطر الناشئة عن احتمال عدم وفاء العميل بالتزاماته التعاقدية كاملة وفي مواعيدها. وتكون هذه المخاطر في حالة الصكوك الإسلامية نتيجة سوء اختيار العميل، سواء بعدم وفائه بالتزامات العمل المسند إليه بالنسبة لاستثمارات الصكوك القائمة على صيغ المشاركة في الأرباح، وقد تنشأ كذلك في حالة استخدام حصيلة الاكتتاب في الصكوك في مشاريع تجارية تقوم على المبادلات؛ فقد يدخل في المشروع أثناء عمله معاملات قائمة على أساس مدفوعات آجلة، وفي حالة اعتبار الوعد غير ملزم في استثمارات صكوك المرابحة، تنشأ مخاطر الائتمان في هذه الحالة عند عدم رغبة العميل في استلام السلعة المشتراه ورجوعه عن وعده، أو عدم رغبته في استلام السلعة المستصنعة في استثمارات صكوك الاستصناع - إذا كان عقد الاستصناع جائزا غير ملزم- أو تأخير أو عدم سداد العميل ما عليه من التزامات بالنسبة لاستثمارات صكوك المرابحة وصكوك الإجارة، أو عدم الالتزام بتوريد السلع المتفق عليها وصفاً وزماناً بالنسبة لاستثمارات صكوك السلم.

      وهذا كله يقع في الأساس على عاتق المنشأة مصدرة الصكوك، ومانحة الائتمان للعميل، فوجود الائتمان في العملية الاستثمارية مظنة لوقوع الخطر بفعل عدة أسباب سبق ذكرها، مما يؤثر سلباً على عوائد الصكوك؛ لذا فإن هذه المخاطر تدخل ضمن المخاطر غير النظامية "الخاصة".

      أما مخاطر الائتمان التي يتعرض لها حامل الصك، فتنشأ عن مدى قدرة مصدر الصكوك على دفع العوائد الدورية، وأصل قيمة الصك في تاريخ الاستحقاق، ومن أهم أشكال المخاطر الائتمانية التي تواجه المستثمرين -حملة الصكوك- مايلي:

      1- مخاطر التأخر في الوفاء: وهذا الخطر يحدث إذا توقع حملة الصكوك أن العوائد التي توزع عليهم ستتأخر عدة أشهر، بسبب رغبة المدين في تأخير الوفاء. والمخاطر الائتمانية في أسوأ حالاتها قد تؤدي إلى مخاطر العجز عن الوفاء.

      2- مخاطر العجز عن الوفاء: هذا الخطر يحدث إذا توقع حملة الصكوك إفلاس المدين وعدم القدرة على الوفاء بتسديد العوائد التي توزع عليهم، ويمكن أن يؤدي إلى الانخفاض الجزئي أو الكلي في القيمة الاسمية للصكوك -تآكل رأس مال المستثمرين-، وهذا الخطر يعتمد وقوعه على الجدارة الائتمانية للمدين من خلال درجة التصنيف الائتماني التي تعطى عند بدء التصكيك، والتي تساعد المستثمرين على توقع هذا الخطر قبل اتخاذ القرار الاستثماري في الصكوك المصدرة.

      ثانياً: مخاطر السوق:وتعرف على أنها المخاطر الناتجة عن التحركات العكسية في القيمة السوقية لأصل ما، قد يكون صك استثماري، عملة أو سلعة وغيرها.

      وتندرج تحت المخاطر النظامية "المخاطر العامة"، وهذه المخاطر كفيلة - إذا لم يحسن التصرف معها- بتهديد المشاريع الاستثمارية التي تسعى إلى تحقيق عوائد مناسبة تغطي التكاليف وتحقق أرباحا صافية لحملة الصكوك، ويمكن القول بأنها سلاح ذو حدين؛ فقد يحقق المشروع بسببها أرباحاً عالية أو خسائر فادحة، ويفصل بين هذا وذاك حاجز عدم التأكد، وهذا هو مكمن المخاطرة.

      وتضم أهم المخاطر التالية:

      1- مخاطر سوق الأصول الحقيقية "السلع والخدمات":وهذه المخاطر مرتبطة بطبيعة الصكوك الإسلامية التي تعتمد من أساسها على الملكية لا على المديونية كالسندات التقليدية، وهذه الأصول تباع في الأسواق كأية أصول أخرى، وبالتالي فإنها معرضة لما تتعرض له كافة السلع والخدمات من إمكانية تناقص قيمتها بفعل عوامل السوق، ومن أهم العوامل التى تتفق عليها الأسواق: عوامل العرض والطلب، السياسات الاقتصادية للحكومات، العلاقات الاقتصادية الدولية، الأزمات الاقتصادية.

      2- مخاطر سوق المال: ويمكن تصنيف تلك المخاطر وفقاً لما يلي:

      2-1- مخاطر سعر الصرف: وتنشأ هذه المخاطر في سوق النقد، وتعرف على أنها المخاطر الناجمة عن تقلب أسعار صرف العملات في المعاملات الآجلة التي تعقدها المؤسسات المالية، عند إصدارها بعملة معينة واستثمار حصيلتها بعملات أخرى، أو إذا كانت المنشأة المصدرة للصكوك تحتفظ بمواقع مفتوحة تجاه بعض العملات الأجنبية، أو التزامات الدفع خاصة في عمليات المرابحات والتجارة الدولية.

      2-2- مخاطر سعر الفائدة: تتمثل مخاطر تغير أسعار الفائدة في عدم تأكد أو تقلب أسعار الفائدة المستقبلية؛ حيث تنشأ هذه المخاطر نتيجة التغيرات في مستوى أسعار الفائدة في السوق بصفة عامة. فكلما ارتفعت مستويات أسعار الفائدة في السوق انخفضت القيمة السوقية للأوراق المالية المتداولة، والعكس صحيح مع بقاء العوامل الأخرى ثابتة، وهو ما يؤثر على معدل العائد على الاستثمار؛ حيث يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى جعل الصكوك ذات العائد الثابت نسبيا أقل جاذبية، ومن ثم انخفاض أسعارها، بينما يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى العكس، وكلما قل معدل العائد الدوري كلما ازداد تأثير أسعار الفائدة على سعر الصك. وتعتبر الصكوك ذات العائد المتغير أقل تأثراً بالتغيرات في أسعار الفائدة.

      2-3- مخاطر معدل العائد: تتعرض المؤسسات المالية الإسلامية لمخاطر معدل العائد في سياق المخاطر الإجمالية داخل قوائم مراكزها المالية نتيجة للتغير في قيمة النقود ارتفاعاً أو انخفاضاً، وأي ارتفاع في المعدلات القياسية المقارنة قد يؤدي إلى توقع حملة الصكوك لمعدل عائد أعلى، وقد تضطر المؤسسات المالية الإسلامية تحت ضغط السوق إلى دفع عائد يفوق العائد الذي حققته فعلاً موجودات الصكوك، إذا كانت عوائد الصكوك الإسلامية دون المستوى مقارنة بمعدلات المنافسين، وقد يقرر مُصدِر الصكوك التنازل عن حقوقها في كل جزء من حصصه في أرباح المشروع لإرضاء حملة الصكوك والاحتفاظ بهم كشركاء دون التخلي عن صكوكهم، وتنشأ المخاطر التجارية المنقولة نتيجة لضغوط تنافسية على المؤسسات المالية لجذب مستثمرين –حملة الصكوك- والاحتفاظ بهم، وقد تكون هناك مخاطر انخفاض معدل العائد نتيجة كون الصكوك الإسلامية يتم توظيفها في مشروعات قد يكون لها جانب اجتماعي مما يؤدي إلى انخفاض عائدها مما قد يؤدي إلى عدم الاقبال على شرائها.

      3- مخاطر تقلبات أسعار الأوراق المالية:تتغير أسعار الصكوك الإسلامية بحسب أوضاع السوق، حتى لو لم تحدث أي تغيرات في المعطيات الأساسية للمُصدر، حيث لا تكاد تخلو الأسواق المالية من تقلبات أسعار الأوراق المالية المتداولة فيها سواء كانت تقليدية أم إسلامية، بسبب عوامل حقيقية أو عوامل مصطنعة وغير أخلاقية، كالإشاعات والاحتكار والمقامرة والبيع والشراء الصوري ونحو ذلك، وهو ما يؤثر على القيمة السوقية للصكوك الإسلامية.

      4- مخاطر التضخم: تندرج هذه المخاطر تحت المخاطر النظامية، وتنشأ نتيجة الانخفاض في القوة الشرائية للعملة نتيجة للزيادة المستمرة في المستوى العام للأسعار، مما يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للعملة، وهو ما يعني تعرض الأموال المستثمرة وعوائدها لانخفاض في قيمتها الحقيقية.

      ثالثاً: مخاطر السيولة:هذا النوع من المخاطر على خلاف الأنواع الأخرى السابقة يرتبط بمصدر الصكوك وليس بالطرف المقابل، وتندرج ضمن المخاطر غير النظامية –الخاصة-، وتظهر في حالة الصكوك الإسلامية عندما لا يستطيع المصدر تلبية الالتزامات الخاصة بمدفوعاتها في مواعيدها بطريقة فعالة؛ لعدم كفاية السيولة لتلبية متطلبات التشغيل العادية أو المفاجئة، أو لتسديد العوائد الدورية لحملة الصكوك، أو لتسديد الزيادة في قيمة الصكوك عند استحقاقها، نتيجة انخفاض التدفقات النقدية للمشروع فجأة، مما يقلل من مقدرة المصدر على الوفاء بالتزاماته التي حانت آجالها، وقد ينتج عن حالة اللاسيولة الشديدة لدى المصدر أو تؤدي إلى تعثر أو إخفاق الإصدار.

      ونرى أن هذا النوع من المخاطر قد يكون نتيجة لمخاطر الائتمان ومخاطر الصكوك العينية التي قد تتعرض لها عملية التصكيك.

      2- المخاطر التشغيلية للصكوك الإسلامية:

      تعتبر المخاطر التشغيلية من المستجدات في عالم إدارة المخاطر الحديثة، وهي تعني تلك المخاطر المتصلة بأوجه الاختلال الوظيفي في نظم المعلومات، ونظم رفع التقارير، وفي قواعد رصد المخاطر الداخلية، ويكون مصدرها الأخطاء البشرية أو المهنية أو الناجمة عن التقنية أو الأنظمة المستخدمة أو القصور في أي منها، وليس لها علاقة مباشرة مع ظروف الأسواق المالية.

      وتندرج المخاطر التشغيلية تحت المخاطر العامة؛ إذا كانت بفعل عوامل خارجة عن سيطرة المشروع، وتندرج هذه المخاطر تحت المخاطر الخاصة؛ إذا كانت بفعل عوامل داخلية، كعدم كفاية التجهيزات أو الوسائل التقنية أو الموارد البشرية المؤهلة والمدربة، أو فساد الذمم، أو عدم توافر الأهلية الإدارية -أي الكفاءة الإدارية- القادرة على القيام بمهام الوكالة عن الملاك، وتحقيق الأرباح مع نموها واستقرارها مستقبلاً، والمحافظة على المركز التنافسي للصكوك ونحو ذلك، ومن خلال صورية أو ضعف الرقابة الشرعية، مما يؤثر سلباً في ثقة المتعاملين وسمعة المنشأة لديهم، وهو الأمر الذي من شأنه أن يترك آثاراً على القيمة السوقية للصكوك الإسلامية.

      كما تشمل أيضا المخاطر القانونية حيث اعتبرتها اتفاقية بازل للرقابة المصرفية جزءاً من مخاطر التشغيل.

      ويلاُحظَ على مخاطر التشغيل أنها تكون في أدنى مستوياتها إذا تعلق الأمر بالصكوك الحكومية، إلا إذا تعلق الأمر بالحروب، والنـزاعات، وبالظروف التي تكون خارجة عن سيطرة الدولة.