Section outline

    • يكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن موضع الطلاق فقد لأصبح منتشرا بكثرة وأصبح من المواضيع التي تطرح للنقاش في مجتمعنا، فحالة الإنسان تدعوه إلى البحث عن الحياة المستقرة الهادئة دون مشاحنات تسودها السعادة، البهجة، الأمن والحياة الطيبة، فقد حرص ديننا الإسلامي الحنيف على وجوب الحفاظ على الأسرة وتماسكها وترابطها وفي نفس الوقت شرع حلولا منطقية بأمر الله تعالى تكون حلا لما يحدث من مشاكل بين الزوجين، وفي معظم حالات الطلاق فإنه يمثل تدميرا لحياة الوالدين ولحياة الأبناء أيضا، والتأثير الأكبر يكون على الأولاد ونفسياتهم لما يشعرون به من انكسار وحيرة حول ما حدث بين الوالدين، فذلك له تأثير نفسي وسلوكي ومن الممكن أن يؤدي إلى الأمراض العضوية والعقلية نتيجة فقدان أحد الوالدين بسبب الطلاق، لذا من المهم التركيز على العلاقة والاستثمار فيها والتعامل السليم والصحيح مع المشاكل الزوجية

      نبذة تاريخية عن الطلاق قديما وفي المجتمعات المعاصرة

      عرف الطلاق في مجتمعات اليونان والرومان القديمة، حيث كان الرجل يطلق زوجته وذكر أن مفكري اليونان قد تطرقوا إلى الطلاق في بحوثهم، وأن أفلاطون وأرسطو اعتبرا الطلاق تهدد كيان المجتمع، وأن القبائل الرومانية القديمة كانت تعرفه، بل إن تشريعاتهم جعلته مطلقا بغير حدود، أما بالنسبة للمجتمع قبل الإلام كان معروفا، وقد شاع في شبه الجزيرة العربية، وأنه كان للرجل حق طلب الطلاق بشرط أن يتوافر السبب وليس للزوجة أن تطلب الطلاق لأن ذلك لم يكن حقا لها أبدا، وفي ذلك يضي زهير حطب أنه ورد في ديوان الأعشى أن الطلاق بالثلاث كان معروفا قبل الإسلام، وأن أبو الفرج الأصفهاني قدم وصفا للطريقة التي تطلق بها المرأة زوجها حيث يكون طلاقها بيدها، على أن هذه القدرة كانت...قاصرة على الزوجات اللواتي ينتمين إلى قبائل قوية أو منزلة في قومهن.

      كذلك يلاحظ اهتمام الكتب السماوية بالطلاق وبتنظيمه كظاهرة مجتمعية، ووردت الكثير من القواعد والتشريعات التي تضبط وقوعه و اقراره، على أن جميع هذه الديانات ترغب عنه صونا للحياة الزوجية وحرصا على استمرارها، فمثلا بالنسبة لليهودية كان للرجل وحده حق الطلاق متى شاء، على أن مفكريهم كانوا يستهجونه، أما عند المسيحيين فيختلف تشريع الطلاق باختلاف مذهب الطرفين.

      فالمذهب الكاثوليكي يحرم الطلاق تحريما قاطعا ولا يبيح فصل الزوجين لأي سبب وأن الكنيسة الكاثوليكية تشدد بمر الطلاق وترفضه وتستبد له بنظام الهجر أو الانفصال. أما مذهب البروستانت فيبيح الطلاق في حالات محددة بينما مذهب الأرثوذكس لايبيح الطلاق إلا في أمور تؤي لى تعذر الحياة بين الطرفين، ويمكن القول أن المذهبين الأخيرين أقل تشددا من مذهب الكاثوليك في موقفهما في إقرار الطلاق حيث وافقا عليه كمبدأ، في حين أن فاطمة المرنيسي أوردت تلخيصا للوضع في أوروبا عند دخولها طور التصنيع حيث تم سن مجموعة من الإجراءات القانونية لكي تحمي الأسرة وتفرض استقرارها المهدد بالضغوط الملازمة للمجتمع الصناعي، وهكذا أقيم الزواج الأحاد وجعلت علاقة الزواج غير قابلة للانفصام في القوانين المقدسة... و إذا حصل وتمكن (الكاثوليكي أو البروتستانثي) من ذلك فإن الإجراءات تكلف كثيرا وتستغرق وقتا طويلا.

      أما في الإسلام فقد أباح الله سبحانه وتعالى الطلاق لإنهاء الحياة الزوجية في حالة تعذر استمراريتها، ومن رحمة الله تعالى أن جعل الطلاق وثلاث مرات ليراجع كل من الزوجين موقفه، عسى أن تعاد الرابطة بينهما، وقد جعل الله الطلاق في يد الزوج إلا أنه يجوز للزوج من حيث القواعد الشرعية عند عقد الزواج أو في أي وقت بعده، ن يفوض الزوجة في طلاق نفسها عندما ترغب في ذلك، وهذا ما يسمى بالعصمة في يد الزوجة والمعمول به الآن، إن التلفظ بالطلاق ثلاث مرات في وقت واحد يعتبر طلقة واحدة، وقد يقع الطلاق قبل الدخول بالزوجة أو بعده، فإذا طلق الزوج زوجته قبل الدخول بها طلقة واحدة أو طلقتين فلا تحل له إلا بعقد وبمهر جديدين، وتعود له على ما تبقى من عدد الطلقات، فإن طلقها الثالثة قبل الدخول أو بعده، فلا تحل له حتى تتزوج غيره وتعاشره، وللمطلقة قبل الدخول نصف كامل المهر من مقدم ومن مؤخر، أما إذا طلق الزوج زوجته بعد الدخول بها طلقة واحدة أو طلقتين جاز له مراجعتها مادامت في العدة.

      فإذا انتهت العدة فلا تحل له حتى تتزوج غيره وتعاشره، وليس ليمين الطلاق وللرجعة بعد كفارة، وإذا مات زوج المطلقة طلقة واحدة أو طلقتين أثناء عدتها فلها الحق في ميراثه، وفي هذه الحالة تنتقل لعدة الوفاة، وكذلك العكس صحيح فيرث الزوج من زوجته المطلقة طلقة واحدة أو طلقتين إذا ماتت أثناء عدتها، أما إذا كانت الوفاة بعد العدة، فيصبح الطلاق بينهما بائنا بينونة كبرى وتنقطع صلتهما فلا توارث بينهما.

      .أنواع الطلاق

      ينقسم الطلاق من حيث أثره إلى نوعين: طلاق رجعي وطلاق بائن حيث هذا الأخير له صورتان: البائن بينونة صغرى، والبائن بينونة كبرى، ولكن أحكامه سواء فيما يتعلق برفع آثار الزواج، أو بإمكانية استئناف الحياة الزوجية وسوف تعرض ذلك بالتفصيل فيما يلي:

      الطلاق الرجعي: وهو ما يجوز معه للزوج وزوجته إلى عصمته، من غير استئناف عقد، أي بدون عقد جديد، وللطلاق الرجعي صورتان هما:

      أ- مالا يفتقر إلى نية في وقوعه، وهو الذي يكون بألفاظ الطلاق الصريح مثل: أنت طالق أو مطلقة، وبشرط ألا يوصف الطلاق بشدة، لأنه ي هذه الحالة يقع بائنا.

      ب- ما يفتقر إلى نية وقوعه وهو الذي يجئ في لفظ اعتدى أو استبرئ رحمك أو أنت واحدة، فهذه الألفاظ وإن كانت من كنايات الطلاق إلا أن الطلاق لا يتم بها ألا إذا نواه المطلق ويقع مرجعيا.

      الطلاق البائن: هو الطلاق الذي يرفع قيد الزواج في الحال، ولا تستأنف الحياة الزوجية بعده إلا بعقد أو مهر جديدين ورضاء جديد والطلاق البائن نوعان:

      أ- الطلاق البائن بينونة صغرى: وحكمه أن يزيل عقد الزواج ولا يرفع حل المرأة أي لا تثبت به، حرمة مؤقتة، فاذا طلق الرجل زوجته طلقة بائنة واحدة أو اثنتين، جاز له العودة إليهما في العدة وبعدها، ولكن ليس له ن يرجعها فلا بد من عقد جديد بكل شروط انعقاده وصحته ولزومه ومطلقة بائنا تعد أجنبية عن المطلق فليسله الاستمتاع بها أو الخلوة ولو في العدة، ويحل بالطلاق البائن مؤخر الصداق ويمتنع التوارث بينهما حتى لو مات أحدهما في العدة. إلا مات أحدهما في العدة، إلا إذا تم الطلاق في مرض الموت وقصد الرجل الحرمان زوجته من الميراث، فيعد بذلك فارا من ميراثها ويعامل بخلاف مقصودة، فترث الزوجة إذا حدثت بعد مرض الموت في عدة الطلاق بينونة صغرى.

      ب- الطلاق البائن بينونة كبرى: وهو يزيل الملك والحل معا، ويثبت به حرمة مؤقتة فلا يمكن أن يجمع الرجل والمرأة فيه زواج جديدا إلا بعد أن تتزوج المرأة زواجا جديدا صحيحا، ويدخل بها الزوج دخولا صحيحا، ثم يفارقها بطلاق أو وفاة وتنتهي عدتها من هذا الزواج، وهذا الطلاق هو الطلاق المكمل للثلاث.

      النظريات المفسرة لظاهرة الطلاق

      1.نظرية التبادل الاجتماعي: Social Exchange Theory

      تنطلق هذه النظرية من فكرة مفادها أن خير الأنظمة هي تلك التي تأتي بأعظم قدر من الفائدة والرفاهية والحرية لأكبر عدد ممكن من الناس، لذلك فإن المجتمع يطرح عدة بدائل للسلوك الواحد حتى يسهل على الفرد اتخاذ القرار المناسب له، هذا القرار المتخذ له تبعيات إما أن تكون جزاءات أو مكافئات يقررها المجتمع، ورغم ذلك فإن هذه القرارات التي يتخذها الأفراد بجانبها تكون في النهاية جزء من عملية التبادل الاجتماعي التي هي جزء من عملية لتكامل والتضامن الاجتماعي، ومن هنا يمكن القول أن الفر في عملية التبادل الاجتماعي يقوم بنشاط معين داخلها من أجل الحصول على اعتراف أو إعجاب أو قبول أو نفوذ اجتماعي أو غير ذلك من المكافئات التي يسعى لها من خلال عملية التبادل الاجتماعي الذي بدوره يفسر التناقض والتماسك الاجتماعين، من خلال زاوية المنفعة التبادلية وهذه المنفعة التبادلية قد تكون مصلحة ملموسة وقد تكون شعور واعتراف أو قبول اجتماعي معنوي، ومن خلال تطبيق هذه النظرية على ظاهرة الطلاق في محاولة لتفسير الطلاق وأسبابه على المستوى الفردي وتأثيره على المجتمع، وتفسر النظرية أن العلاقة الزوجية لا يمكن أن يتخلى عنها إلا ليحصل الفرد على المنفعة، فالمطلق أو المطلقة حينما يطلب الانفصال ويسعى له، فإنه بذلك يقدم البدائل لحياة أخرى وأفضل، فالزوجان يتمسكان بالاستمرار بعلاقتها الزوجية ما لم تظهر أسباب وجيهة أو قوية تدعو للانفصال والطلاق.

      2.نظرية الدور Role Theory

      تنطلق فكرة نظرية الدور من أن المجتمع عبارة عن مجموعة مراكز اجتماعية مترابطة ومتضمنة أدورا اجتماعية، يمارسها الأفراد الذين يشغلون هذه المراكز وقد حدد منظروا هذه النظرية ثلاث تصنيفات للتوقعات وهي كالتالي:

      أ- التوقعات السلفية: وهي تلك تنطوي على عدة قواعد اجتماعية تحدد سلوك الفرد وتوضح له كيفية التصرف حسبها والظروف التي تخضع لها وهي موجودة قبل وجود الفرد.

      ب- توقعات الآخرين: ولإن التوقعات التي ينتظر الفرد من الآخر هي نفسها التي ينتظر الآخر من الفرد، لأن المنطلق الأخلاقي والاجتماعي يعد واحدا لكل منهما في نفس المجتمع، وذلك مع الاختلافات في الفروقات الفردية والانفعالية للأفراد.

      ج- توقعات المجتمع العام: وهي التي يمكن أن تكون حقيقية أو تكون وهمية يتصورها الفرد وتعمل بمثابة أحد وسائط الضبط الاجتماعي في ضبط ومراقبة سلوك الفرد، هذا الأخير عليه أن يقد ما يقرر المجتمع وينصاع له لما يمكن أن يكون نوعا من الأمر، أكثر من بحثه عن مصلحته الشخصية أو حريته.

      الأسباب الاجتماعية لظاهرة الطلاق

      يعتبر الطلاق مشكلة اجتماعية انتشرت في جميع المجتمعات ويبدوا أنه يزداد انتشارا في الآونة الأخيرة ولا يقرر الزوج أو الزوجة طلب الطلاق بين عشية وضحاها، وإنما يسبق هذا المشكل الذي اعتبره سبحانه وتعالى أبغض الحلال عنده.

      إذ سنذكر من بينها الأسباب الاجتماعية والتي يمكن حصرها فيما يلي:

      _ عمل الزوجة: يعتبر عمل الزوجة خارج البيت من العوامل المؤدية لحدوث الطلاق، إما بسبب ما يداخل نفسية من غرور باعتقادها أن خروجها إلى سوق العمالة يكسبها مركزا اجتماعيا يمكنها من طلب التساوي بزوجها، أو من الاستغناء عنه، والتحرر من الاعتماد عليه وعلى أهله ماديا، فعمل الزوجة يشجعها على الرغبة في الانفصال عند أول اصطدام أو خصام مع زوجها.

      _ الزواج المبكر ومدة الزواج: إن الزواج المبكر يعتبر من المسببات الاجتماعية المساعدة على انتشار الطلاق، وهذا ما أثبته دراسات أجريت في العديد من المجتمعات، حيث أن النساء اللواتي تزوجن مبكرا كن أكثر عرضة للطلاق من غيرهن، حيث وجد أغلب نسبة الطلاق في العالم وقعت فيما كان سن الزواج بالنسبة للفتيات (18 سنة) فأقل، أما بالنسبة للذكور فقد تبين أن الزواج أقل من (20 سنة) يساهم في انتشار ظاهرة الطلاق، وهذا ما أثار إليه الباحثان ز.وينشت وقرير R.winchet Greerسنة 1964 إذ ذهب إلى أن الطلاق يعود إلى السن المبكر للزواج، وإن كان بصفته أولى من الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تحيط بالزيجات المبكرة، والتي تؤدي إلى عدم الاستقرار الأسري.

      - الزواج المستعجل: من أهم الأسباب الاجتماعية المؤدية للطلاق الاستعجال في الزواج، أو في الاندفاع نحوه دون تبرير أ تفكير مسبق، وإذا كان من الجائز التذكير بالقول أن بين لزوجين مملكة مشتركة فإننا نعتقد أن بناء هذا البيت والمحافظة عليه يتطلبان من الزوجين توافقا وانسجاما وتعاونا وصبرا روحيا كاملا لنظام الزواج وعرضه، ويتطلب دراسة وافية مسبقة لآفاق الحياة الزوجية المشتركة ولمصاعبها المادية والنفسية والاقتصادية، ولهذا فإن استبعاد إرادة الوالدين والأقربين عن مجال الاستشارة في اختيار الزوج الكفؤ والمناسب والانطلاق نحو إلزام عقد الزواج تحت تأثير الدوافع الجنسية من غير استعدادات نفسية وعقلانية، وللتحيرات اقتصادية كافية سيكون مآله الفشل.

      - أزمة السكن: تعتبر أزمة السكن في المجتمعات الحضرية إحدى العوامل المسببة للطلاق، مما يدفع بالزوجين إلى السكن مع أمل الزوج مما سيطرح عدة مشاكل للزوجين نظرا للصراع الذي يقوم بين الزوجة والحماة من جهة، وبين الزوج والزوجة من جهة ثانية، ويدعم نقص الحرية التي يشعر بها الزوجان، أو بالأحرى عدم تمتعهما بالحياة الزوجية مما يدفع غالبا بهما إلى الطلاق لصعوبة حل هذا المشكل والحصول على سكن منفرد.

      ويعقب الدكتور إبراهيم بن هلال العنزي في مقاله عن الطلاق عن أبرز الأسباب الاجتماعية والاقتصادية المؤدية لتفشي هذه الظاهرة والتي سنذكرها كالآتي:

      - الاختلاف في المكانة الاجتماعية سواء كانت مكتسبة أو موروثة كمكانة الأسرة المكانة الوظيفية والمكانة التعليمية) واختيار كل منهما لمصلحة مادية أو معنوية، وعدم بناء الاختيار على أساس هدف الزواج السليم وعدم التوافق في الفكر والمستوى الثقافي والنظرة إلى الحياة، وعدم احترام الشروط المتفق عليها بين الأفراد.

      - بعض العادات التي لا تتيح للزوج أن يرى مخطوبته قبل الزواج رغم أن الرؤية شرعية ومباحة.

      - عدم معالجة المشاكل الزوجية بعقلانية وترو.

      - عدم قيام أحدهما أو كلاهما بالحقوق المطلوبة من كل منهما.

      - تدخل أفراد أسرة الزوج أو الزوجة مما قد يفسد العلاقة بينهما.

      - الاختلاف الكبير في السلوك العام للرجل والمرأة في بعض القدرات النفسية والعقلية مثل الطباع والانفعالات وغيرها.

      - عدم القدرة على تحمل المسؤولية الأسرية، سواء الزوج أو الزوجة لتكوين أسرة وتربية الأبناء في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تنقل الأفراد والأسرة من حال إلى حال.

      - ارتباط الزوج أو الزوجة بأسرتيهما، من حيث السكن، أو القرارات التي تخص حياتهما فالأسرة تلعب دورا كبيرا في حياة الفرد في مجتمعنا، حتى إذا لم يسكن داخل الأسرة ولكنه يرتبط بها عاطفيا وسلوكيا، فالأسرة مؤثرة جدا في قرارات الأفراد والأزواج.

      - طغيان شخصية أحد الزوجين على الآخر بشكل ملموس مما يؤجج الخلافات بينهما.

      - التباين في النشاط الجنسي قد يؤدي إلى زيادة التوتر بين الزوجين.

      في حين يضيف الأستاذ محمد شرقي من جامعة السانية وهران أرقاما إحصائية لتطور هذه الظاهرة التي أصبحت فعلا تهدد أركان المجتمع محاولا فيها فهم منحى اتجاه الطلاق في الجزائر لسنة 2004 أخذا بعين الاعتبار ولايات الوطن بما فيها الجزائر العاصمة إذ توصل أن ولايات الشرق الشمالي تحتل النسب المنخفضة لحالات الطلاق وهي: جيجل، ميلة، سكيكدةـ، تيسمسيلت، المديةـ قالمة، تبسة، بينما تبقى ولايات الجنوب الكبير تحتل النسب المرتفعة وهي: تمنراست، تندوف، بشار، أدارـ إليزي.


    • أي ظاهرة كانت لابد لها آثار سلبية أو إيجابية كذلك الحال بالنسبة لظاهرة الطلاق فمن المعلوم أن الطلاق ظاهرة ومشكلة اجتماعية، لها آثار ضارة بالمجتمع، سنذكرها كالآتي:

      - عند حدوث الانفصال أو الطلاق فإنه ينمي الكراهية والحقد والبغضاء بين الطرفين مما يؤدي إلى حدوث مشاجرات وعدم استقرار في المجتمع، وفي معظم الأحيان يكون الأهل مصدرا للخصام وزيادة المشاكل بدلا من أن يساعد على إصلاح ذات البين.

      - التأثير النفسي على المرأة والرجل، فبعد حدوث الطلاق يترتب على الرجل أعبء مادية، ومبالغ يجب أن يدفعها مما يؤدي إلى زيادة همومه وكثرة تفكيره في كيفية جمع هذا المال اللازم، مما يؤدي به إلى سلك طرق غير شرعية لكي يستطيع أن يؤمن المال، وكذلك المرأة ما تعانيه من ألم الطلاق ونظرة المجتمع لها، مما يؤدي بها إلى سلك طرق غير صحيحة لتأمين رزقها، وجميع هذه الطرق تؤثر سلبا على تركيبة وسيرورة المجتمع.

      - كثرة الجرائم وتزعزع الأمن في المجتمع وزيادة الانحراف والأمراض النفسية كل ذلك يعود سببه إلى تشرد الأطفال بعد طلاق الوالدين وقلة الرعاية لهم والتفكك الأسري الذي دعهم لأن يتوجهوا إلى سلوكيات غير سوية.

      - إن المجتمع الذي ينتشر الطلاق فيه بكثرة ويعاني أفراده فيه والذين يمسهم مشاكل عديدة وجدانية واجتماعية واقتصادية خاصة بالنسبة للنساء الغير عاملات. والتي قد تنحرفن من جراء ذلك، كما يعاني أطفاله من الحرمان العاطفي والمادي الذي يحاول البعض تعويضه بالقيام بأعمال إجرامية، تستهدف شخصيتهم ومستقبلهم بالدرجة الأولى ومن ثم مجتمعهم من المنطقي أن يكون هذا المجتمع مجتمعا مميزا ومختل التوازن تعمه العديد من المشاكل الاجتماعية بانحراف النساء مثلا فعوض أن يشغل كل إمكانياته في البناء والتشبيه، لاسيما إن كان المجتمع في طريق النمو ليحقق تطوره فإنه يهتم بعلاج ظاهرة الطلاق وما يتبعها من ظواهر أخرى سلبية كونها تؤثر على أهم وحدة في المجتمع

      التدابير الوقائية للحد من ظاهرة الطلاق

      - تحكيم شرع الله عند التنازع والخلاف الذي يقع بين الزوجين، قال تعالى: " فإن تنازعتم في شيئ فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير لكم وأحسن تأويلا.

      - استحضار سيرة الرسول صلعه وتوجيهاته لكل من الزوجين لأنهما بحق منارات تنير العلاقة الزوجية، بل وتنير كل علاقة ومن بين هذه المعالم قوله صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة".

      - التركيز على السلوك الإيجابي في العلاقة الزواجية وصرف النظر على سلبياته.

      - نقد الذات وبذل الجهد من أجل تحسين العلاقة، وتغيير النظرة إلى الذات كضحية.

      - تجنب التواصل السيئ والمدمر، لأنه عادة ما يؤدي بالزوجين المتحابين إلى المعاناة والألم النفسي الشديد.

      - استحضار الجانب التعبدي في الزواج مما سيحافظ على الأسرة، ويجعل كلا من الزوجين حريصا على نجاح الحياة الزوجية لأنه حفاظ على هذه العبادة.

      - إقامة دورات تأهيلية للحياة الزوجية للمقبلين على الزواج.

      - إضافة مادة قانونية تنص على الكفاءة في الزواج كعامل من عوامل استقرار الأسرة مع مرعاة معايير الكفاءة بما فيها الأمور المستجدة.

      - تفعيل الجمعيات والمؤسسات لاجتماعية التي تهتم بشؤون الأسرة.

      - تفعيل دور المساجد في المحافظة على الأسرة وتوجيه الشباب