Section outline

    • المحاضرة رقم 07: الهندسة المالية الاسلامية.

      المقدمة
      لقد شكل موضوع الهندسة المالية الإسلامية واحداً من المواضيع المهمة ضمن عمليات التحليل المالي الذي يكمل منظومة الاقتصاد الإسلامي ، بحيث حققت المؤسسات المالية الإسلامية إنجازات واعدة ، لتوفر للمستثمرين البديل المناسب عن المؤسسات المالية التقليدية التي لا تتوافق تعاملاتها مع الشريعة الإسلامية، والتي تهدف لإثبات مدى قدرة الهندسة المالية الإسلامية على مواكبة التطورات الاقتصادية والاجتماعية ، بما تبتكره من أدوات مالية إسلامية بإمكانها أن تستجيب لنمو حاجة الصناعة المالية الإسلامية مالية ومصرفية، ذاتية وملائمة، ميزتها الأصالة والابتكار ، وتتوافر فيها كل الضوابط الشرعية والكفاءة الاقتصادية بعيدا عن محاكاة المنتجات المالية التقليدية .
      أولا : مفهوم واهمية الهندسة المالية الاسلامية.

      1- مفهوم الهندسة المالية الاسلامية:

      تعرف الهندسة المالية الإسلامية بأنها : ( مجموعة الأنشطة التي تتضمن عمليات التصميم والتطوير والتنفيذ لكل من العمليات المالية المبتكرة وصياغة حلول إبداعية لمشاكل التمويل في الإطار الشرعي )، يلاحظ من هذا التعريف أنه مطابق لتعريف الهندسة المالية التقليدية ، إلا أنهما يختلفان في كون الهندسة المالية الإسلامية تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية على عكس التقليدية ، هذا وتشكل الهندسة المالية الإسلامية اليوم حاجة ملحة للتطوير والإبداع في المؤسسات المالية الإسلامية على المستوى المؤسسي والصناعي ، كونها صناعة ناشئة مقارنة بالتقليدية وهي تحتاج إلى التطوير والابتكار لمنتجات مالية إسلامية أصيلة تحافظ على هويتها وتحميها من التقليد ، مما يساهم في تحقيق نمو للصناعة ينعكس إيجاباً على المؤسسات المالية الإسلامية والمصارف ، بشكل يضمن لها التميز في تقديم منتجاتها المالية من خلال التحوط أو إدارة المخاطر ، وتوفير البدائل للمنتجات المالية وتجنب التقليد لمنتجات المصارف التقليدية ، والالتزام بالضوابط الشرعية ، والاستثمار الحقيقي وليس الوهمي وتعزيز المساهمة الحقيقية في التنمية الاقتصادية مثل المشاركات والبيوع والإجارات ... الخ من العقود .

      إن المقصود بالهندسة المالية في المنظور الإسلامي هو ما يلبي مصلحة حقيقية للمتعاملين في السوق المالية وليس مجرد عقد صوري من العقود الوهمية ، وهذا ما يؤكد القيمة المضافة للابتكار ، فالشريعة ليس فقط ما يحكم العلاقة بين الله تعالى والإنسان ، ولكن أيضا ما ينظم العلاقات بين البشر ، إذ يجب أن يكون المسلم على يقين دائم بأن أعماله متوافقة مع الشريعة الإسلامية ، وعلى الرغم من أن المبدأ الرئيس للتمويل الإسلامي هو تقاسم المخاطر ، إلاّ انه يوجد محظورات في نظر الشريعة مرتبطة بالمجال المالي ، تعتبر كالركائز الأساسية لتشريع التمويل ، ويمكن تفسيرها بإيجاز على النحو التالي:
      1- حظر الربا : يحرم جميع أشكال الربا التي فسرت في الشريعة على أنها معادلة لفائدة مدفوعة على القرض.
      2- حظر الغرر : بيع عنصر محتمل وجوده كبيع الطائر في الهواء أو السمك في الماء مثلا .
      3- حظر الميسر : يحرم جميع أنواع القمار ، وفي الجانب المالي ينطبق على احتمالات المقامرة
      بالسندات أو الأرصدة في عمليات مالية.

      4- حظر بعض التمويلات: أي التي تُعدُّ غير قانونية من قبل الشريعة مثل تمويل انتاج  منتجات محرمة.

       
      ثانيا: أهمية الهندسة المالية الاسلامية:

      1- الاستفادة من التطورات البحثية للهندسة المالية الإسلامية ، والتأكيد على إيجاد البديل قبل التحريم لأي من المعاملات المالية .

      .
      2- تساعد في إيجاد القواعد الملائمة التي تجمع ما بين العلوم الشرعية والعلوم المالية .
      3- استحداث منتجات مالية مبتكرة وفق قاعدة الحلال والحرام ، وترك المنتجات المرتكزة على الفائدة ومحاولة تمكين المؤسسات المالية الإسلامية من منافسة المؤسسات المالية التقليدية ، من اجل إدارة سيولتها وخلق التوازن ما بين مواردها واستخداماتها.


      ثالثا : مبادئ الهندسة المالية الإسلامية.


      1- مبدأ التوازن : أي التوازن ما بين المصالح الشخصية والمصالح الاجتماعية ، وفيما يتعلق بالمنافسة والتعاون وتحقيق الربح والأعمال الخيرية ، فالشريعة الإسلامية نجحت في تحقيق التوازن بين مختلف الحاجات والرغبات ووضعت الكل في الإطار المناسب.


      2- مبدأ التكامل : أي التكامل بين المصالح الشخصية والاعتبارات الموضوعية، بين تفضيلات الزمن والمخاطرة وبين توليد الثروة الحقيقية.


      3- مبدأ الحلّ : إن قاعدة الحل هي الأساس للابتكار المالي بشرط أن يبتعد عن دائرة الحرام ، وترجع أصول المبادلات المالية المحظورة إلى الربا والتي تؤول إلى الظلم، والغرر يرجع إلى الجهل، وقد جمعها الله بقوله تعالى :{{ وحملها الإنسان إنه ظلوما جهولا (72) }} سورة الأحزاب .
      4-  مبدأ المناسبة : أي تناسب العقد مع الهدف المقصود منه ، بحيث القصد ملائما للنتيجة المطلوبة مع الهدف المقصود منه، وهذا مدلول القاعدة الفقهية ( العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني).


      رابعا : خصائص الهندسة المالية الإسلامية.


      1- الابتكار الحقيقي وعدم التقليد : أي التنوع في المنتجات المالية الإسلامية ، تنوعاً حقيقياً وليس وهمياً كما في أدوات الهندسة المالية ، لأن لكل أداة صيغة تعاقدية وصفات تميزها عن غيرها ، سواء تعلق الأمر بالمخاطر أو الضمانات أو التسعير وهذا ما يؤكد القيمة المضافة للابتكار .
      2- التشريع الإسلامي محل التشريع الوضعي : أي الاعتماد على التشريع الإسلامي في تصميم المنتجات المالية ، والنأي عن الخلافات الفقهية التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع ، والتأكيد على مبدأ المشاركة في مبدأ الأرباح والخسائر بين الأطراف وليس مبدأ درء المخاطر وتحويلها لأطراف أخرى ، أي عند إبرام العقود المالية لابد أن تكون خالية من كل ما يتعارض مع الضوابط الإسلامية .
      3- التمويل بدل الإستثمار : تُّعدُّ إدارة السيولة الهدف الرئيس لعمل الهندسة المالية الإسلامية على عكس هدف الهندسة المالية التقليدية التقليدية المتمثل باستحداث أدوات مالية لغرض التحوط والمضاربة والاستثمار ، فالأولى تسعى لجذب رؤوس الأموال المتوفرة لدى الذين لا يفضلون التعامل بالهندسة المالية التقليدية واستخدامها في عمليات التمويل بدل الاستثمار لأنها أقل مخاطرة .
      4- الإدراك والوضوح : يجب أن تكون العقود خالية من الإكراه والتعسف والاستغلال ، وأن يكون لدى أطراف العقد وضوح حول ما يتضمنه العقد من شروط أو بنود .
      5-  الإمكانية والاستطاعة والالتزام : لحديث النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ( لا تبع ما ليس عندك ) ، ويشمل ذلك بيع المعدوم ، ولابد من التزام الأطراف بأجل العقد , وعدم استخدام شيء من الحيل اللغوية أو القانونية , للتحايل على بند أو شرط مما اتفق عليه الطرفان في العقد .

       

       

       

      المحاضرة رقم 08


      خامسا : مداخل ومتطلبات الهندسة المالية الإسلامية


      1- مداخل الهندسة المالية الإسلامية.


      1-1- المحاكاة : يعني أن يتم مسبقاً تحديد النتيجة المطلوبة من منتجات صناعة الهندسة المالية الإسلامية ، وان لا تخرج عن نفس النتيجة التي يحققها منتجات صناعة الهندسة المالية التقليدية،بحيث أن الأسلوب المتبع في توليد الأوراق المالية قائم على المحاكاة والتقليد للمنتجات المالية التقليدية.


      1-2- الأصالة والابتكار: يعني البحث عن الاحتياجات الفعلية للعملاء والعمل على تصميم المنتجات المالية المناسبة لها ، بشرط أن تكون متوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وهذا المنهج يتطلب دراسة مستمرة لإحتياجات العملاء والعمل على تطوير الأساليب التقنية والفنية اللازمة لها ، وذلك لضمان الكفاءة الاقتصادية للمنتجات المالية .


      2 - متطلبات نجاح الهندسة المالية الإسلامية.


      1- الوعي : بما أن هدف الهندسة المالية تلبية الاحتياجات المختلفة لجميع الاقتصاديين، فلابد أن تكون الحاجات التي يتطلبها السوق معروفة لمن يقوم بالابتكار للأدوات المالية .
      2- الشفافية والالتزام : وضوح الأدوات التي يتم ابتكارها ، لسد الثغرات التي يمكن أن ينفذ منها المضاربون باستخدام الطرق غير الشرعية ، مع الإشارة إلى أن انضباط قواعد الشريعة الإسلامية يشكل بهذا الخصوص صمام أمان بسبب المصداقية الشرعية للهندسة المالية الإسلامية ، إن تم الالتزام بها .
      سادسا : محددات الهندسة المالية الإسلامية.


      1- المشاركة في الأرباح أو الخسائر على أساس القواعد الشرعية المعمول بها في العقود .
      2- لا يجب استثمار الموارد النقدية للأوراق المالية الإسلامية في مشاريع تدر عوائد متفق عليها مقدما، فمثل هذه العوائد ان تحققت لا تختلف عن الفوائد و إن سميت أرباحا .
      3- استثمار الموارد التمويلية للأوراق في مشاريع مهمة لتحقيق المصلحة العامة للمجتمع الإسلامي.


      سابعا : الأسس العامة للهندسة المالية الإسلامية.


      يتجلى الأساس الإسلامي للهندسة المالية من خلال حديث النبي صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم حيث قال : ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، لا ينقص من أوزارهم شيئا ) ، يستنبط من هذا الحديث الدعوة للابتكار ومحاولة إيجاد الحلول للمشاكل المالية وغير المالية طالما كانت في مصالح العباد ، وبالتالي المنافسة في سوق الخدمات المالية وفي مجمل المسائل المجتمعية ، كما يدل الحديث على أن العمل الذي يصدق عليه أنه استنان ، يتصف بالأمور التالية :

       
      1-  أن يوصف العمل بالحسن والسوء بحسب موافقته أو مخالفته لأحكام الشريعة،لكن لا يلزم أن يعمل الناس بهذه السنة حتى تستحق هذا الوصف، لأن الأجر أو الوزر ثابت، سواء وجد الأتباع أم لم يوجد.
      2- السنة المبتكرة هو إتباع الإسلام، وإن كان هذا القصد وحده لا يكفي في اعتبار العمل نفسه إسلامياً.
      3- ان تتوافر فيه الحداثة والابتكار ، لأنه وجه أنظار الناس على شيء لم يكونوا قد عملوا به من قبل،
      كما نبه الحديث إلى خطورة الابتكار غير المشروع ، وركز على قاعدة ارتباط العائد بالمخاطرة ، وكلما كان العائد المحتمل أكبر ، كلما كانت الخسارة المحتملة أكبر ، فكما أن فضل الابتكار النافع كبير ، فكذلك وزر الابتكار السيء أيضا كبير ومضر.

       وتأسيساً على ما تقدم يمكن توضيح الأسس العامة للهندسة المالية الإسلامية بحسب التالي:


      أ- تحريـم الربـا : الربا هنا يعني الزيادة على رأس المال بدون جهد قلّت أو كثرت فهي محرمة ، فقد ورد تحريم الربا في القرآن الكريم بقول الله تعالى : {{ ياَ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ((130)) }} سورة آل عمران ، وقد تدرج التحريم حيث بدأ بالمقارنة بين مضار الربا وفوائد الزكاة , وقال تعالى : {{ وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ((39)) }} سورة الروم ، ثم أعلن الله الحرب على آكل الربا بقوله تعالى : {{ الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم إن الذين امنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة واتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وان تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وان كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وان تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ((275 - 281)) }} سورة البقرة ، وقوله تعالى:{{ فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ، وبصدهم عن سبيل الله كثيراً ، وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل واعتدنا للكافرين منهم عذاباً اليماً (( 161 162 )) }} سورة النساء.


      وقد حذر النبي صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم بقوله : ( اجتنبوا السبع الموبقات ) وذكر منها الربا ، وهو محرم في جميع الأديان السماوية والحكمة من تحريمه أن فيه ضرراً عظيماً ، فهو يسبب العداوة بين الأفراد ، كما يؤدي إلى خلق طبقة مترفة لا تعمل شيئاً ، و الربا نوعان ربـا النسيئة ، وهو الزيـادة المشروطة التي يأخذها الدائن من المدين نظير التـأجيل ، وربا الفضل الذي هو بيع النقود بالنقود أو الطعام بالطعام مع الزيـادة.


      ب- حريـة التعــاقـد : ويعني التعاقد إطلاق الحرية للناس وبالشروط التي يشترطون على ألاّ تشتمل عقودهم على أمور حرمها الشرع ، فما لم تشتمل تلك العقود على أمر محرم بنص ، فإن الوفاء بها لازم ، والعاقد مأخوذ بما تعهّد به ، وإن اشتملت العقود على أمر محرم فهي باطلة .


      ج- التيسير ورفع الحرج : يقصد بالحرج الضيق ، فإذا صار الفرد في حالة لا يستطيع معها القيـام بالعبـادة على النحو المعتـاد فإن الله سبحانه وتعالى يرخص له في أدائها بحسب إستطاعته , وفي هذا رفع للمشقة عن العبـاد , يقول الله تعالى :{{ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفسًا إِلاَّ وُسْعَها (286) }} سورة البقرة ، ويقول الله تعالى : {{ ومَا جَعَلَ عليكُم في الدِّين مِن حَرَج (78) }} سورة الحج ، ويظهر أثر هذه القاعدة واضحا في التكاليف الشرعية ، فالله تعالى لم يفرض على المؤمنين من العبادات إلا ما بوسعهم ، وفي مجال المعاملات حيث جعل الله سبحانه باب التعاقد مفتوحا أمام العباد وجعل الأصل فيها من الاباحة ولم يضع من القيود إلاّ تلك التي تمنع الظلم أو تحرم أكل أموال الناس بالباطل .


      د- الاستحسـان والاستصـلاح : الاستحسان هو ما يستحسنه المجتهد بعقله من غير أن يوجـد نص يعارضه أو يثبته، بل يرجع فيه إلى الأصل العام، وجريان المصالح التي يقرها الشرع وهو باب لحرية التعاقد ، أي أن يعدل المجتهد عن أن الحكم في مسألة ما ، لوجود دليل أقوى يقتضي العدول عن الدليل الأول المُثْبِت لحكم هذه النظائر ، أما المصـالح المرسـلة أو الاستحسان هو الأخذ بكل أمر فيه مصلحة يتلقاها العقل بالقبول، ولا يشهد أصل خاص من الشريعة بإلغائها أو اعتبارها.
      خامساً : التحذير من بيعتين في بيعة واحدة : نهى النبي صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم عن بيعتين في بيعة واحدة ، والتحذير هنا يركز على ما كان بين طرفين ، فإذا كانت إحدى البيعتين مع طرف والأخرى مع طرف آخر لم تدخل في النهي ، وبعبارة اخرى فإن أي بيعتين بين طرفين تكون محصلتهما بيعة من نوع ثالث ، ينبغي النظر إليها بمقياس البيعة الثالثة ، وفي هذه الحالة الحكم تابعاً لحكم البيعة الثالثة، فإن كانت الثالثة ممنوعة شرعاً كانت البيعتان كذلك ، وإن كانت مقبولةً شرعاً لم يكن هناك حاجة للبيعتين ، وأمكن تحصيل المقصود من خلال البيعة الثالثة مباشرة ، لضمان السلامة الشرعية والكفاءة الاقتصادية للمعاملات المالية .


      ثامنا : المشاكل التي تواجه الهندسة المالية الإسلامية


      1- البيئة الحاضنة : انطلقت أفكار المنتجات المالية الإسلامية من البيئة التقليدية ، وهذه البيئة نشأت

      قواعدها وأنظمتها العلمية بعيداً عن المنهج الإسلامي ، ما أدى إلى الإشكال الثاني وهو الهدف والغاية.
      2- الهدف والغاية : لما كانت البيئة الحاضنة للمنتجات المالية الإسلامية هي البيئة التقليدية ، أدى ذلك إلى ظهور مشكلة في هدف وغاية المنتج الإسلامي ، فجاء مفرغاً من معناه ومقصده ، وان كان قد أخذ الصورة الشرعية في ظاهره ، وهذا ما أدى بدوره إلى الإشكال الثالث المتمثل في وسائل الابتكار .
      3- وسائل الابتكار : انعكست الصورة السابقة الذكر للمنتجات المالية الاسلامية على وسائل ابتكارها وتطويرها ، فإقتصرت على الترقيع او اللصق لمنتجات مالية تقليدية ، فلا تكاد ترى منتجاً مالياً تقليدياً إلاّ ومعه نسخته الإسلامية.


      4- مسؤولية تطوير المنتجات المالية الإسلامية : اكتفت الهندسة المالية الإسلامية بإدخال تعديلات على المنتجات المالية التقليدية لتتلائم مع الضوابط الشرعية ، فعملية إخراج المنتجات المالية الإسلامية من نطاق التقليد إلى نطاق الابتكار ، مرهون بتكاثف جهود كل الأطراف المتداخلة في منظومة عمل متكاملة للمصارف والمؤسسات المالية والسوق المالية والبنك المركزي والمتعاملين الاقتصاديين، وبخاصة بعدما توضح ان تقييد المنتجات المالية الإسلامية بالرابط الديني لا يُعدُّ عائقاً في حد ذاته ، بل على العكس يمكن استخدامه كميزة لجلب رؤوس الأموال من العملاء المسلمين وغير المسلمين ، لاسيما بعد فقدانهم الثقة بالنظام المالي ومنتجاته المالية في ظل الأزمة المالية العالمية.

      تاسعا : تحديات الهندسة المالية الإسلامية.


      1- الافتقار إلى الكفاءات : إن القوة العاملة غير المؤهلة ستعيق العمل المصرفي والمالي الإسلامي وتحد من إمكانية نمو المصرف من حيث المخاطر التشغيلية ، لذا لابد من تأهيلاً خاصاً وكفاءات إدارية مدربة تكون على خبرة ودراية تامة بطبيعة عمل المؤسسات المالية الإسلامية .
      2- قلة البحث والتقدير : تفتقر بعض المؤسسات المالية الاسلامية الى الاهتمام بمفهوم الهندسة المالية الاسلامية ، حيث تعاني من غياب ثقافة الابداع والتطوير ، فقد اثبتت التقارير السنوية لأكبر (12) مؤسسة مالية اسلامية في بعض الدول العربية غياب شبه تام لمخصصات مالية ، خاصة بالبحث والتطوير للمنتجات المالية الاسلامية ، في الوقت الذي انفقت فيه (9) مصارف اوربية ما يزيد عن مليار دولار على عمليات التطوير والبحث.


      3- غياب حقوق الملكية لصاحب فكرة المنتج المالي الجديد : تتحمل المؤسسات خلال عملية ابتكار منتج مالي جديد تكاليف ومخاطر عالية للتحقق من جدواه ، وبعد نجاح هذا المنتج والابتكار ، ستقدم المؤسسات الأخرى إلى تطبيق هذه التجربة الجاهزة المضمونة والاستفادة من مزاياها ، دون تحمل اي تكاليف أو مخاطر، وهذا ما يحد من تقدم المؤسسات المالية عن محاولة التطوير والابتكار .
      4- ضعف التنسيق بين الهيئات الشرعية : بسبب تضارب الفتاوى بين الدول الإسلامية وحتى داخل البلد الواحد،فنجد بعض المصارف تجيز التوريق والبعض الاخر لا يجيز التعامل به ،لذا على المؤسسات المالية الاسلامية ان تعمل على ايجاد قاعدة علمية مشتركة للاجتهاد الجماعي وتوحيد الفتاوى.
      5- الخطأ في تحديد الهدف من الهندسة المالية الإسلامية : إن تركيز الهدف في تلبية احتياجات المسلمين ، أضعف الهدف الجوهري المتمثل في خلق القيمة المضافة ، لذا لابد من الجمع بين الوجهة الدينية والاقتصادية وتلبية احتياجات المسلمين وغير المسلمين  .
      6-  المنافسة والكفاءة والتكلفة : وهي مميزات تنافسية تتفوق بها المؤسسات التقليدية على الإسلامية ، لما لديها من الخبرة الكبيرة والشبكات الأوسع والحجم الاقتصادي في السوق العالمي للمؤسسات المالية التقليدية ، كما وتعاني المؤسسات التقليدية التي لديها نوافذ إسلامية والمؤسسات المالية الإسلامية على حد سواء من مشكلة تكلفة عمليات التشغيل العالية للمعاملات المالية الإسلامية .
      7- التسويق : من دون تثقيف وتعليم العملاء بمبادئ وآلية عمل التمويل الإسلامي ، سيبقى العملاء بعيدين عن المنتجات الإسلامية ، وسيكون إقبال المسلمين على المنتجات المالية الإسلامية ضعيفاً بسبب عدم فهم الصناعة ، لذا يعدُّ تسويق هذه المنتجات تحدياً بالنسبة لنمو قاعدة عملاء المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية.

      المحاضرة رقم 09:

      عاشرا: منتجات الهندسة المالية الاسلامية.

      1- الصكوك الاسلامية:

      أولاً: نشأة الصكوك الإسلامية:

      تعود نشأة الصكوك الإسلامية إلى عام 1983م، وذلك بعد أن اتضح لمسؤولي البنك المركزي الماليزي عزوف "بنك إسلام ماليزيا" - أول بنك إسلامي في ماليزيا- عن تملك السندات الحكومية أو سندات الخزانة؛ كونها مخالفة للشريعة الإسلامية، ولذلك لجأ البنك المركزي الماليزي لإصدار شهادات استثمار لا تحتوي في آلياتها على ربا. ثم أصدر مجمع الفقه الإسلامي القرار رقم (5) بتاريخ 4/8/1988م، بشأن سندات المقارضة وسندات الاستثمار ففتح الباب أمام الشركات الإسلامية لتبني هذه الصيغ الناشئة. وقد قام المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية برصد تاريخ الصكوك والمراحل التي مرت بها في الفترة ما بين 1986 وبين 2009، وهي كالتالي:

      1- تم إصدار سندات مقارضة وسندات للتنمية والاستثمار في أكتوبر عام 1986، فقام مجمع الفقه الإسلامي الدولي بالتأكيد على أهمية موضوع السندات، كما كلف باحثين متخصصين لتمكينه من اتخاذ القرار الصائب بشأن هذه السندات.

      2- في فيفري عام 1988 أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي الصيغة المقبولة شرعا لصكوك المقارضة.

      3- قام المجمع بإصدار فتوى في مارس عام 1990 مفادها تحريم السندات واقتراح البديل لها وهو الصكوك أو السندات القائمة على أساس المضاربة.

      4- أصدرت رابطة العالم الإسلامي -وهي تعتبر الجهة الثانية المعتمدة بعد مجمع الفقه الإسلامي الدولي- فتوى ثانية بتحريم التعامل بالسندات وذلك بتاريخ جانفي عام 2002، وعدم جواز تصكيك الديون بحيث تكون قابلة للتداول في سوق ثانوية.

      5- قامت جهة ثالثة وهي هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بالبحرين بإصدار معيار شرعي لصكوك الاستثمار حددت فيه أنواع الصكوك وخصائصها والأحكام والضوابط الشرعية التي تحكمها والمبادئ الأولية لإصدار وتداول جميع أنواع الصكوك -التي تم ابتكارها حتى تاريخ إصدار المعيار-، وكان ذلك في ماي عام 2003.

      6- قام مجمع الفقه الإسلامي الدولي في مارس عام 2004م بتوضيح الأحكام والضوابط الشرعية التي تحكم صكوك الإجارة، كما أنه أوصى بدراسة إصدار صكوك بملكية الأعيان المؤجرة إجارة منتهية بالتمليك، ودراسة حكم إصدار الصكوك وتداولها في إجارة الموصوف في الذمة.

      7- أوصى المجمع بعقد ندوة متخصصة لإعداد لائحة بشأن سندات المقارضة إذا كانت الصكوك مثل موجودات مختلطة ما بين أعيان ومنافع ونقود وديون، وذلك في شهر جوان عام 2006.

      8- أما صندوق النقد الدولي فقد جاء دوره للتأكيد على الطفرة في معاملات التورق الإسلامي حيث تمخضت عن زيادة إصدار الصكوك بمقدار أربعة أضعاف، والتأكيد أيضا على أن عددا متناميا من البلدان يفكرون في دخول سوق الصكوك، كما بيَّن الصندوق أن أبرز تحدي للصكوك هو تبديل السمات الهيكلية المعتادة في الأوراق المالية التقليدية، كان ذلك في عام 2007 لشهر سبتمبر.

      9- ظهرت مشكلة الصكوك وتحديداً في فيفري عام 2008.

      10- ظهرت زكاة صكوك المقارضة، حيث أصدرت الهيئة الشرعية العالمية للزكاة في افريل عام 2008 فتوى مفادها أن أموال صكوك المقارضة المستوفية لضوابطها الشرعية تزكي زكاة عروض التجارة مع توافر شروط الزكاة فيها.

      11- بعد ذلك أكد صندوق النقد الدولي مرة أخرى في جويلية عام 2008 على أهمية الصكوك الإسلامية السيادية (الحكومية)، والتأكيد كذلك على أن الصكوك تلقى اهتماما أكثر سواء من المسلمين أو من غيرهم، كما أكد الصندوق على أن أبرز التحديات التي تواجه الصكوك هي القوانين والخلاف الفقهي.

      12- وفي نفس تاريخ المرحلة السابقة ظهرت الصكوك الإسلامية الخاصة بالإجارة، حيث أصدر المجلس الأوروبي للإفتاء عقد الإجارة الواردة على منافع الأعيان، فيمكن بذلك من الاستفادة منه من خلال الصكوك الإسلامية الخاصة بالإجارة فهي تعتبر من أكثر أنواع الصكوك مرونة وضبطا.

      13- وفي ماليزيا قام مجلس الخدمات المالية الإسلامية في جانفي عام 2009 بوصف هياكل الصكوك والتعريف بها وتوضيح المخاطر المختلفة التي تتعرض لها مؤسسات الخدمات المالية بالنسبة للصكوك والمتطلبات التشغيلية المتعلقة بالتصكيك والصكوك، كما قام المجلس بمعالجة التعرض لمخاطر الصكوك، ومعالجة تخفيف مخاطر الائتمان، بالإضافة إلى معالجة التعزيز الائتماني المقدم من المصدر، ومعالجة التعزيز الائتماني حسب هيكلته.

      14- في هذه المرحلة أجاز مجمع الفقه الإسلامي الدولي في افريل عام 2009 وقف الصكوك، مبينا الأحكام والضوابط الشرعية لوقف الصكوك. كما استعرض المجمع خصائص الصكوك وأحكامها، مؤكدا على إيجاد الإطار القانوني لها.

      ثانياً: تطور الصكوك الإسلامية: من حيث التطور الكمي لإصدارات الصكوك الإسلامية: فإن الواقع يشير إلى نجاح باهر في فترة وجيزة، حيث بدأ سوق الصكوك الانتعاش عملياً في ماليزيا عام 2002؛ حين تم إصدار ما يقارب المليار دولار منها، واحتلت المصارف الإسلامية الماليزية المركز الأول في إصدارات الصكوك منذ 2002.

      وتنامت الصكوك الإسلامية في دول الخليج العربي حيث كان هذا النمو يقوده مصدرو النفط، ولعل أشهر هذه الصكوك هي الصكوك التي أصدرها بنك دبي الإسلامي لإصدار 13.5 مليار دولار، وبنظر أكثر دقة فقد تقدمت الإمارات إلى المرتبة الأولى عالميا في إصدار الصكوك منذ 2006 حتى عام 2009 بقيمة 29.1 مليار دولار.

      ووصل حجم الصكوك الإسلامية في العالم إلى 43 مليار دولار في 2007، و15.3 مليار دولار في 2008، و24 مليار دولار في نهاية 2009.

      وشهد عام 2009 عددا كبيراً من الإصدارات من البحرين والكويت وقطر، كما أن عدة دول في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ومن بينها مصر تتجه نحو إصدار صكوك إسلامية، كما أن بعض دول أوروبا كألمانيا وفرنسا وكذا الولايات المتحدة الأمريكية تتجه نحو استخدام الصكوك الإسلامية.

      وتشير الإحصائيات الدولية إلى أن الأصول العالمية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وصلت حوالي 1.3 تريليون دولار في 2012، بمعدل نمو 10-15% سنويا خلال الثلاثة أعوام التالية، وأنه من المتوقع أن تلعب دورا رئيسيا في بعض الدول وبالأخص ماليزيا والسعودية ودول التعاون الخليجي.

      وأوضحت الدراسة أن ماليزيا تشهد أكبر عدد إصدارات للصكوك ويصل إجمالي قيمة إصداراتها 267 مليار دولار، وإجمالي عدد الإصدارات 1897 صكا، وبذلك تنفرد الحكومة الماليزية والممثلة في البنك المركزي الماليزي بما يقرب من 51% من إجمالي إصدارات الصكوك عالميا من تلك الفترة.

      كما أشارت الدراسة إلى أن تركيا أصدرت أول صكوك سيادية بلغ حجمها 105 مليارات دولار، وقد طرحت البنوك الإسلامية التركية حتى الآن إصدارين فقط للصكوك، كلاهما طرحه بنك كويت ترك المملوك بنسبة 62% لبيت التمويل الكويتي الذي جمع 450 مليون دولار في عامي 2010 و2011، كما يعتزم بنك آسيا التركي أكبر بنك إسلامي في البلاد إصدار سندات إسلامية (صكوك) مقومة بالدولار تتراوح قيمتها بين 200 مليون دولار و300 مليون ما بين شهرين وثلاثة أشهر، كما أن البنك سيستكمل كذلك إصدار صكوك مقومة بالليرة تتراوح قيمتها بين 100 مليون ليرة و150 مليونا (56-84 مليون دولار) خلال الشهرين المقبلين.

      - أما من حيث التطور النوعي: فمن المعلوم أن الصكوك الإسلامية بدأت بنوع واحد من الإصدارات وهو "صكوك المقارضة الإسلامية" وتطورت الأنواع بعد ذلك حتى وصلت إلى أربعة عشر نوعا من الصكوك.

      2- تعريف الصكوك

      أولاً: الصكوك لغة: جمع صك وصكوك وأصك وصكاك، ويراد به: وثيقة بمال أو نحوه. ويقال: صكه صكا: أي دفعه بقوة، أو ضربه. وصكت الباب: أي أغلقته. وفي القرآن الكريم: (فَصَكَّتْ وَجْهَهَا)[الذاريات: 29]، أي لطمته تعجبا.

      ثانياً: الصكوك اصطلاحا: يقصد بها: "وضع موجودات دارة للدخل كضمان أو أساس مقابل إصدار صكوك، تعتبر هي ذاتها أصولا مالية". وتعني كذلك: "تحويل مجموعة من الأصول المدرة للدخل غيرالسائلة إلى صكوك قابلة للتداول مضمونة بهذه الأصول، ومن ثم بيعها في الأسواق المالية، مع مراعاة ضوابط التداول".

      وحسب هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية تعرف "الصكوك الإسلامية "والتي أطلقت عليها اسم "صكوك الاستثمار"؛ تمييزاً لها عن الأسهم والسندات التقليدية بأنها: "وثائق متساوية القيمة، تمثل حصصا شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاص وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك وقفل باب الاكتتاب وبدء استخدامها فيما أصدرت من أجله".

      ويمكن القول بأن الصكوك الإسلامية هي: أوراق مالية متساوية القيمة، محددة المدة، تصدر وفق صيغ التمويل الإسلامية، تعطي لحاملها حق الاشتراك مع الغير بنسبة مئوية في ملكية، وصافي إيرادات أو أرباح وخسائر موجودات مشروع استثماري قائمٍ فعلاً، أو سيتم إنشاؤها من حصيلة الاكتتاب، وهي قابلة للتداول والإطفاء والاسترداد عند الحاجة بضوابط وقيود معينة، ويمكن حصر موجودات المشروع الاستثماري في أن تكون أعياناً، أو منافع أو خدمات، أو حقوق مالية، أو معنوية، أو خليط من بعضها، أو كلها حسب شروط معينة. وعليه فإن الصكوك لا تمثل ديناً في ذمة مصدرها، وإنما تثبت لحاملها حق ملكية شائعة في موجودات لها عائدا.

      3- الفرق بين صكوك الاستثمار والأسهم والسندات.

      تعد الأسهم والسندات من الأوراق المالية التقليدية، وهما يختلفان عن صكوك الاستثمار في عدة وجوه أهمها:

      أولاً: صكوك الاستثمار والأسهم: تفترق الأسهم عن صكوك الاستثمار فيما يأتي:

      - يشترك مالكو الأسهم في إدارة الشركة عن طريق انتخاب مجلس للإدارة من بينهم، أما مالكو صكوك الاستثمار فإنهم لا يشاركون في إدارة المشروع بطريق مباشر، بل يكتفون بتوكيل المضارب وحده، حيث يلتزم المضارب في إدارته للمشروع بأحكام عقد المضاربة وشروطها الشرعية، ولمالكي الصكوك أن يكوِّنوا من بينهم أو من غيرهم مجلس مراقبة يرعى مصالحهم ويحمى حقوقهم في مواجهة المضارب، ويكون مسئولا عن مراقبة تنفيذ شروط العقد التي تضمنتها نشرة الإصدار، وما يلحق بها من دراسات الجدوى والبيانات والمعلومات التي تنص عليها هذه النشرة.

      - الأسهم مشاركة دائمة في الشركة، تبقى مدة حياة الشركة، وإن انتقلت ملكيتها من شخص إلى شخص آخر؛ لأنها تمثل رأس مال الشركة المصدر، فهي إذن غير قابلة للرد من جانب الشركة. في حين أن صكوك الاستثمار تحدد بمدة زمنية معينة، فقد يكون إصدار صكوك الاستثمار لتمويل مشروع معين أو لتمويل مشروع بطريق المشاركة المتناقضة، بحيث يتم إطفاء بعض الصكوك على مراحل زمنية معينة.

      ثانياً: صكوك الاستثمار والسندات:تختلف السندات عن صكوك الاستثمار فيما يأتي:

      - يمثل السند دينا في ذمة الشركة التي تصدره ولا يتعلق بموجوداتها، أما حق صاحب صك الاستثمار أو السهم فهو حق عيني يتعلق بموجودات الشركة أو المشروع.

      - لا يتأثر حامل السند بنتيجة أعمال الشركة، ولا بمركزها المالي بطريق مباشر؛ لأن مالكه يستحق القيمة الاسمية لسنده في مواعيد الاستحقاق المدونة فيه، مضافا إليها الفوائد المحددة سلفا، بصرف النظر عن المركز المالي للشركة أو الربح الذي حققته أو الخسارة التي منيت بها. أما مالك السهم وصك الاستثمار فإنه يتأثر بنتيجة أعمال الشركة أو المشروع، ويشتركان في الأرباح المحققة، ويتحملان الخسارة التي يتعرض لها المشروع أو الشركة.

      - عند تصفية المشروع يكون لصاحب السند الأولوية في الحصول على قيمة السند وفوائده المتفق عليها، أما الصك الاستثماري فليس له الأولوية، وإنما تصرف له نسبته مما تبقى من موجودات المشروع بعد سداد الديون، أي أن موجودات المشروع ملك لأصحاب الصكوك وتعود إليهم.

      4- أهمية الصكوك: لقد ازدادت أهمية إصدار الصكوك الإسلامية نتيجة العديد من العوامل، من أبرزها أنها:

      - تساعد على النهوض بالاقتصاد الإسلامي نظرياً وعملياً؛ أما نظرياً فهى إستكمال لحلقات الإقتصاد بجانب شركات التأمين والمصارف الإسلامية. أما عملياً فإن وجودها يساعد على رفع الحرج عن المستثمرين الذين يطلبونها.

      - تلبي احتياجات الدولة في تمويل مشاريع البنية التحتية بدلا من الإعتماد على سندات الخزينة والدين العام.

      - يثري بها الأسواق المالية الإسلامية؛ لأنها الطرف المكمل للأسهم، والجناح الثاني للبورصة التي من خلالها تتحرك الأموال بحرية وسهولة.

      - تعتبر من الأدوات الهامة لتنويع مصادرالموارد الذاتية، وتوفيرالسيولة اللازمة للأفراد والمؤسسات والحكومات.

      - تغطي عدد كبيرمن الشركات التي تحتاج إلى تمويل طويل الأجل.

      - الوصول بفكرة الصكوك الإسلامية إلى مستوى التداول العالمي يوضح مدى سعة وحكمة وتكامل النظام الإسلامي.

      - إتاحة الفرصة أمام البنوك المركزية لاستخدام الصكوك الإسلامية ضمن أطر السياسة النقدية وفقا للمنظور الإسلامي بما يساهم في امتصاص السيولة، ومن ثم خفض معدلات التضخم، و إتاحة الفرصة أمام المؤسسات المالية الإسلامية لإدارة السيولة الفائضة لديها.

      - تساعد في تحسين ربحية المؤسسات المالية والشركات ومراكزها المالية، وذلك لأن عمليات إصدار الصكوك الإسلامية تعتبر عمليات خارج الميزانية ولا تحتاج لتكلفة كبيرة في تمويلها وإدارتها.

      - الصكوك أداة تساعد على الشفافية، وتحسين بنية المعلومات في السوق، لأنه يتطلب العديد من الإجراءات، ودخول العديد من المؤسسات في عملية الإقراض، مما يوفر المزيد من المعلومات في السوق.

      - ويتضح مما سبق - ونتيجة لزيادة الاهتمام بإصدار الصكوك الإسلامية وتوسعها – أن ذلك سيؤدي حتما إلى زيادة تداول الأدوات المالية وتنشيط السوق المالية الإسلامية وتجاوبها مع احتياجات المدخرين والمستثمرين والدولة بآليات تستبعد الفوائد المحرمة شرعا.

      5- الخصائص المميزة للصكوك الإسلامية:

      صكوك الاستثمار ورقة مالية تتفق مع غيرها من الأوراق المالية التقليدية في بعض الإجراءات الإدارية من حيث التنظيم والإصدار، وتتميز عن غيرها في أنها ورقة مالية تلتزم أحكام الشريعة الإسلامية في كافة مراحلها منذ بداية إصدارها إلى انتهاء أجلها.

      وهذا الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية الغراء أعطاها درجة عالية من الأمان، وجنبها الوقوع في الكوارث والهزات التي سببتها الأوراق المالية التقليدية نتيجة بعدها عن الهدي الإلهي وتنكبها لأوامره التي فيها الهداية والسلامة والربح الوفير.

      ومن أهم الخصائص المميزة للصكوك الإسلامية:

      أولاً:تمثل الصكوك حصص ملكية شائعة في الموجودات: حيث يكون لها عائد ولا تمثل دينا في ذمة مصدرها. وقد تكون هذه الموجودات أعيانا أو منافع أعيان أو خليط من الأعيان والمنافع والديون، وبذلك فإن ملكية حامل الصك تتعلق بحصة في الموجودات وليس في العائد فقط، وهو شريك على الشيوع لبقية ملاك الصكوك في المال الذي تمثله هذه الصكوك، ولا تقتصر على حصته في الأرباح، فذلك هو شأن المضارب -الذي يدير عمليات الاستثمار ولا يشارك بماله- أما رب المال في المضاربة أو الشريك المساهم أو حامل الصك فهو مالك لحصة الموجودات، ولا يتنافى ذلك مع تقييد تصرفه فيما يملك؛ بحيث لا يمكنه بيع جزء من تلك الموجودات بما يتناسب مع ملكيته، وذلك لتعلق حق الغير وحفظ حقوق جميع المستثمرين في وعاء موحد مشترك. وهذا ما يجعل ربح الصك الاستثماري مشروعا، وعلى أساس تحمل حامل الصك المخاطر التي قد تلحق بهذه الموجودات.

      ثانياً:لا يكفي اعتبار حامل الصك مالكا لحق مالي في العائد أو في ارتفاع قيمة الصك فقط، وهو ما يطلق عليه "ملكية حقوق الورقة المالية" فقط دون استحقاق ثابت في أصل الموجودات: فإنه بهذا الاعتبار- الخاطيء- يقتصر حامل الصك على تحصيل الربح المحدد فيه دون تحمل تبعات الهلاك، وهذا التخريج غير مقبول في المنظور الشرعي الذي يقرر بأن استحقاق الربح يكون بمقدار الاستعداد لتحمل المخاطرة على أساس القاعدة الشرعية "الغنم بالغرم".

      ثالثاً:الصك الاستثماري الإسلامي يعطي حامله حصة من الربح: ليس نسبة محددة مسبقا من قيمته الاسمية. وحصة مالك الصك من أرباح المشروع تحدد عند التعاقد، أي في نشرة الإصدار التي تسبق الاكتتاب أو في الصك المالي نفسه، بحيث تتضمن هذه النشرة أو الصك حصة المضارب وحصة أرباب المال من الربح الذي يتحقق في نهاية المشروع أو في فترات دورية معينة. فإذا كان الصك يعطي حامله مبلغا محددا، أونسبة معينة من قيمته الاسمية، أو يعطيه حصة من الربح غير محددة في نشرة الإصدار، أو في الصك نفسه، أو يحددها المضارب في نهاية المشروع، أو في فترات دورية لاحقة،لم يكن صكا ماليا إسلاميا، فلا يجوز إصداره، ولا تداوله، ولا يحل العائد منه، ذلك أن العلم بمحل التعاقد شرط عند التعاقد، لا بعده، ومحل عقد المضاربة هو رأس المال والربح وحصة المضارب وحصة رب المال من الربح.

      رابعاً:الصك الاستثماري الإسلامي يلزم صاحبه بتحمل مخاطر الاستثمار كاملة: حيث يقوم مبدأ إصدار وتداول الصكوك الاستثمارية الإسلامية على نفس الأسس التي تقوم عليها المشاركات في القواعد المالية الإسلامية، من حيث العلاقة بين المشتركين فيها بالاشتراك في تحمل الخسارة مقابل استحقاق الربح، وهو مبدأ "الغنم بالغرم"، وذلك في حدود مساهمة حامل الصك في المشروع، فهو يتحمل بحصته في أية خسارة يتعرض لها المشروع بسبب لا يد للمضارب فيه، لأن حملة الصكوك (أرباب المال) يملكون المشروع ملكية مشتركة، وتلف المال وهلاكه وخسارته على مالكه،وفقا لقواعد الشريعة.

      خامساً:الصك الاستثماري الإسلامي يخصص حصيلة الاكتتاب فيه للاستثمار في مشاريع أو أنشطة تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية: فإذا كانت حصيلة الاكتتاب تستثمر في أنشطة محرمة، كصناعة الخمور، والإقراض بفائدة، فإن الصك لا يجوز إصداره، ولا تداوله، ويحرم الربح العائد منه، لأنه مساهمة في نشاط محرم، والربح العائد منه لا تجيزه الشريعة الإسلامية.

      سادساً:الصكوك تصدر بفئات متساوية: تصدر الصكوك بفئات متساوية القيمة، لأنها تمثل حصصا شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاص، وذلك لتيسير شراء وتداول هذه الصكوك.

      سابعاً:تحمل أعباء الملكية: يتحمل حامل الصك الأعباء والتبعات المترتبة على ملكية الموجودات الممثلة في الصك سواء كانت الأعباء مصاريف استثمارية أو الهبوط في القيمة، فإن هذه المصاريف تكون على حامل الصك وليس على المستفيد من منفعة الموجودات إلا إذا كانت هذه المصاريف تشغيلية أو دورية منضبطة فإنه يمكن اشتراطها على المستفيد من تلك الموجودات.

      ثامناً:التداول محكوم بضوابط شرعية: كون الصك ورقة مالية فالأصل أن تكون قابلة للتداول، أي للبيع والهبة والرهن وغيرها من التصرفات الشرعية، باعتبار أنها تمثل حصة شائعة في مال، فتداول الصكوك الإستثمارية الإسلامية يخضع للشروط الشرعية المتعلقة بطبيعة الموجودات التي تمثلها عند التداول، فإن كانت أعيانا أو منافع فإنها تتداول حسب الاتفاق من حيث السعر أو التأجيل، أما لو كانت الموجودات الممثلة للصكوك لا تزال مقابل ديون فقط كصكوك المرابحة والسلم فلا تتداول هذه الصكوك إلا بشروط الديون، أو كانت نقودا فقط فلا تتداول إلا بشروط الصرف.

      تاسعاًَ:استناد الصك على عقد شرعي: حيث تصدر الصكوك الإسلامية على أساس عقود شرعية بضوابط تنظم إصدارها، فالصكوك الإسلامية تصدر بصيغ التمويل الإسلامية كافة كالمضاربة والإجارة والمزارعة والسلم، وعندئذ يسمى الصك بالصيغة التي يصدر بها، وتختلف أحكام الصك تبعا لاختلاف العقد أو الصيغ الاستثمارية التي صدر الصك على أساسها. فاذا تضمنت نشرة الاصدار، أو الصك الذي يصدر بناءًا عليها، حكما يخالف هذه الأحكام لم يكن الصك إسلاميا، ولا يجوز إصداره، ولا تداوله، ولا يحل العائد منه.

      عاشراً:إنتفاء ضمان المدير (المضارب أو الوكيل أو الشريك): حيث يتنافى الضمان مع كل من المضاربة أو الوكالة أو الشركة، وهي الصيغ التي تدار بها السندات غالبا. فلا يتحمل المصدر الخسارة ولا يضمن رأس المال لحامل الصك لأن ذلك يحوِّل العملية إلى شكل من أشكال الربا المحرم، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن. فإذا تضمنت نشرة الإصدار أو الصك المالي شرط ضمان مخاطر الاستثمار في المشروع على المضارب، لم يكن صكاً جائزاً شرعاً.

      6- أهداف الصكوك الإسلامية: تتمثل الأهداف الأساسية لإصدار الصكوك الإسلامية فيما يلي:

      - المساهمة في جمع رأس مال تمويل إنشاء مشروع استثماري من خلال تعبئة موارده من المستثمرين، وذلك من خلال طرح صكوك وفق مختلف صيغ التمويل الإسلامية في أسواق المال لتكون حصيلة الاكتتاب فيها رأس مال المشروع.

      - تسعى إلى الحصول على السيولة اللازمة لتوسيع قاعدة المشاريع وتطويرها، فيتم تحويل الأصول المالية للحكومات والشركات إلى وحدات تتمثل في الصكوك الإسلامية، ومن ثم عرضها في السوق لجذب المدخرات لتمويل المشاريع الاستثمارية طويلة الأجل.

      - تحسين القدرة الائتمانية والهيكل التمويلي للمؤسسات المصدرة للصكوك حيث أنها تتطلب تصنيف إئتماني مرتفعاً للمحفظة بصورة مستقلة.

      المحاضرة رقم 10:

      احدى عشر: أنواع الصكوك الإسلامية.

      الصكوك الإسلاميةهي إحدى أدوات الاقتراض الشرعية، ويتم إصدارها مقابل أصول، وغالباً ما تكون عقارية أو أصول أوراق مالية ذات عائد، وبالتالي تكون ضماناتها أكبر من الصكوك التقليدية.

      وتتميز الصكوك بتعدد أنواعها، فتتنوع تبعاً لاختلاف نوع الموجودات التي تمثلها، وهذه الموجودات إما أن تكون من الأعيان، أو المنافع، أو الديون، أو النقود مجتمعة أو متفرقة، ويندرج تحت الأعيان المباني بأنواعها. بينما يندرج تحت المنافع منافع العقارات وكافة الأصول. أما الخدمات يندرج تحتها التعليم بكافة مستوياته، والصحة، كما يمكن أن تجتمع مع الأعيان والمنافع والنقود في مراحل المشروع المختلفة، وتنوع وتعدد أنواع الصكوك الإسلامية يجعلها تلاءم تمويل مختلف المشروعات والقطاعات، وقد ميزت هيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية 14 نوعاً مختلفاً من الصكوك. وتتنوع الصكوك وفق:

      1. صيغ التمويل الإسلامية المختلفة من: إجارة، واستصناع، ومرابحة، ومشاركة، وسلم.

      2. يتم تصنيف الصكوك أيضاً طبقاً لجهة الإصدار إلى: صكوك سيادية: وهي الصكوك التي تصدرها الحكومة المركزية عن طريق وزارة المالية والبنك المركزي، وصكوك شبه سيادية: وهي التي تصدرها الهيئات التابعة للحكومة، صكوك شركات.

      3. ويتم تصنيف الصكوك أيضاً إلى: صكوك محلية تصدر في السوق المحلي، وفي الغالب بالعملة المحلية للدولة، وصكوك دولية تصدر في الأسواق الدولية، وتكون بالعملة الأجنبية، ويكون باب الاكتتاب فيها مفتوح لكافة الجنسيات.

      وسنقوم فيما يلي باستعراض أهم أنواع الصكوك طبقاً لصيغة التمويل المستخدمة:

      1- صكوك الإجارة: وهي عبارة عن وثائق متساوية القيمة، تمثل حصة شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات في مشروع استثماري يدر دخلاً، والغرض منها تحويل الأعيان والمنافع والخدمات التي يتعلق بها عقد الإجارة إلى أوراق مالية "صكوك" قابلة للتداول في الأسواق الثانوية"(.

      فصكوك الإجارة تعني توريق المنشآت المؤجرة؛ أي تحويلها إلى صكوك – أسهم-، وطرحها في الأسواق المالية لتباع وتشترى.

      - أنواع صكوك الإجارة: تصنف صكوك الإجارة إلى ثلاثة أنواع رئيسية طبقاً للأصل محل التعاقد:

      ‌أ- "صكوك إجارة الأعيان": "صكوك ملكية الأعيان" وهي عبارة عن وثائق متساوية القيمة، يصدرها مالك عين مؤجرة أو موعود باستئجارها أو وسيط مالي ينوب عنه لغرض بيعها واستيفاء ثمنها من حصيلة الاكتتاب فيها، وتصبح العين مملوكة لحملة الصكوك.

      ‌ب- "صكوك إجارة المنافع": "صكوك ملكية المنافع" وهى عبارة عن وثائق متساوية القيمة، يصدرها مالك منفعة عين موجودة؛ لغرض تأجير تلك العين أو إعادة تأجيرها، واستيفاء أجرتها من حصيلة الاكتتاب فيها، وتصبح منفعة العين مملوكة لحملة الصكوك. وهى نوعان:

      ‌ج- "صكوك إجارة الخدمات": وهى عبارة عن وثائق متساوية القيمة، يتم إصدارها لغرض تقديم الخدمة من مصدر معين، واستيفاء الأجرة من حصيلة الاكتتاب فيها، وتصبح تلك الخدمات مملوكة لحملة الصكوك. وهى نوعان:

      - خصائص صكوك الإجارة: تتميز صكوك الإجارة بعدد من الخصائص من أهمها:

      - أنها قليلة المخاطر، وقابلة للتداول، وذات مرونة عالية؛ حيث يمكن إصدارها بآجال متعددة.

      - صلاحها للوساطة المالية وتلبية احتياجات تمويلية متعددة.

      - تحافظ على حصر ملكية المشروع بمالكيه الحاليين.

      - تعتبر مصدر تمويلي من خارج الميزانية بالنسبة للمستأجر، وتعد الأجرة نفقة إيرادية وليس نفقة رأسمالية، وأيضاً تعفي المستأجر الخوض في مسائل مخصصات الاستهلاك والتغير في الأصول الثابتة.

      - تمتاز عوائدها بدرجة عالية من الاستقرار والثبات.

      - يرتبط العائد بإنتاجية الأصول المؤجرة والمنافع المحققة منها.

      - تخفف أعباء تمويل المشروعات الكبرى عن كاهل الحكومة.

      - توفر للدولة ميزة تملك الأصل أو المشروع في نهاية العقد.

      2- صكوك المشاركة: وهي عبارة عن وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لاستخدام حصيلتها - حصيلة الاكتتاب- في إنشاء مشروع، أو تطوير مشروع قائم، أو تمويل نشاط على أساس عقد من عقود المشاركة، ويصبح المشروع أو موجودات النشاط ملكاً لحملة الصكوك في حدود حصصهم، وتدار الصكوك على أساس الشركة بتعيين أحد الشركاء لإدارتها بصيغة الوكالة بالاستثمار.

      - أنواع صكوك المشاركة: تنقسم إلى:

      أ- صكوك المشاركة المستمرة: وهى مثل الأسهم، يكون آجال الصكوك مستمرة في العمل، والمكتتبون في الصكوك يشاركون الجهة المصدرة للصكوك طوال المشروع.

      ب- صكوك المشاركة المؤقتة: وتمثل هذه الصكوك مشروعاً يكون محدداً بمدة زمنية معينة، ويمكن استرداد القيمة الاسمية لهذه الصكوك بالتدريج؛ حيث يحصل حملة الصكوك على جزء من القيمة الاسمية للصكوك في فترات توزيع الأرباح حتى يستردوا كامل القيمة الاسمية بالإضافة إلى الأرباح، حيث يحصل حملة الصكوك على القيمة الاسمية للصكوك في تاريخ محدد يصفى فيه المشروع وتوزع فيه أرباح التصفية على حملة الصكوك، وبذلك ينتهي المشروع.

      3- صكوك السلم: صكوك السلم هي عبارة عن: وثائق متساوية القيمة، يتم إصدارها لتحصيل رأس مال السلم، وتصبح سلعة السلم مملوكة لحملة الصكوك.

      - خصائصه ومميزاته: يعتبر من الأدوات قصيرة الأجل (مثل أذونات الخزينة).

      * أداة جيدة لتوظيف المدخرات في الاستثمارات قصيرة الأجل.

      * وسيلة مناسبة لسد عجز الموازنة قصيرة الأجل.

      4- صكوك الاستصناع: يعد الاستصناع من أنواع عقود السلم؛ حيث يتم الاتفاق بين الطرفين على تسليم سلعة أو عين في المستقبل بعد تصنيعها أو إنشائها، ويجوز هنا في هذه الحالة الدفع العاجل أو تقسيط الثمن.

      ويمكن القول بأن عقود السلم هي عقود للمعاملات التجارية، بينما عقود الاستصناع فهي تنسحب على المعاملات التي تشتمل على عمليات صناعية أو إنشائية.

      فصكوك الاستصناع هي عبارة عن: وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لاستخدام حصيلة الاكتتاب فيها في تصنيع سلعة معينة، ويصبح المصنوع مملوكاً لحملة الصكوك، يصدر هذه الصكوك الطرف الراغب في الحصول على المنتج المستصنع أو وكيل أي منها كمنتج موصوف في الذمة – بمعنى أنه يكون غير موجود عند التعاقد، ويحصل على قيمة الصكوك، ثم يباشر بتصنيع المنتج بحسب المواصفات، ويقوم بتسليمها خلال المدة المتفق عليها، ويمكن للمتعهد أن يتفق مع الصانع على صيغة تمويلية مختلفة مثل الدفع بالأقساط، ويصبح حاملو الصكوك هم ملاك المنتج المستصنع.

      5- صكوك المرابحة: صكوك المرابحة هى عبارة عن: وثائق تصدر متساوية القيمة، يتم إصدارها لتمويل شراء سلعة بالمرابحة، وتصبح سلعة المرابحة مملوكة لحملة الصكوك.

      ويمكن استخدام صيغة صكوك المرابحة في تمويل العمليات السابقة بأن يصدر العميل – في هذه الحالة تكون شركة أو مؤسسة- من خلال الشركة ذات الغرض الخاص صكوك مرابحة، ويصبح حملة الصكوك هم ملاك السلعة محل المرابحة كآلات مصنع أو مواد خام - وهنا في هذه الحالة يحلون محل البنك- ويقوم العميل بشراء السلعة من حملة الصكوك بهامش ربح متفق عليه سلفاً، ويتم الاتفاق على شروط الدفع قصير أو طويل الأجل.

      - خصائص ومميزات صكوك المرابحة: تتميز صكوك المرابحة بمايلي:

      * مخاطرها محدودة بالنسبة للمستثمرين.

      * مرونة عالية في تحديد فترة السداد.

      * إمكانية تحديد نسبة الربح عند التعاقد.

      * عدم إمكانية تداولها لتحولها إلى مسألة بيع الديون.

      6- صكوك المضاربة: صكوك المضاربة هي عبارة عن أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس مال المضاربة؛ وذلك بإصدار صكوك ملكية برأس مال المضاربة على أساس وحدات متساوية القيمة ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون حصصاً شائعة في رأس مال المضاربة، وما يتحول إليه بنسبة ملكية كل منهم فيه.

      وهي كذلك وثائق مشاركة تمثل مشروعاً أو أنشطة تدار على أساس المضاربة بتعيين مضارب من الشركاء أو غيرهم لإدارتها.

      ويحصل المضارب على حصة متفق عليها من الأرباح، ولا يشارك المضارب في رأس المال، وإنما يشارك فقط بإدارته وعمله، وهذا ما يجعلها مختلفة عن صكوك المشاركة، والتي يساهم فيها المضارب برأس المال أيضاً.

      - أنواع صكوك المضاربة:

      1- صكوك المضاربة المطلقة: وهي التي لا يخصص فيها حملة الصكوك مشروعاً معيناً، وإنما يخول المضارب في اختيار المشروع المناسب حسب خبرته.

      2- صكوك المضاربة المقيدة: وهى التي يخصص فيها حملة الصكوك مشروعاً معيناً أو مجالاً معيناً يستثمر فيه المضارب أموال المضاربة، ولا يحق له الخروج عنها وإلا أعُتبر متعدياً، وتكون محددة بمدة معينة حسب عمر المشروع.

      - خصائص ومميزات صكوك المضاربة:

      * التمويل بالمضاربة أكثر فعالية من حيث تخصيص الموارد وذلك بالمقارنة مع التمويل القائم على أساس نسبة الفائدة.

      * لا يتُرتِب هذه الصكوك على الدولة التزامات ثابتة تجاه الممولين؛ لأنها تقوم على مبدأ المساهمة في الربح والخسارة.

      * يتم بيان نسبة الأرباح لكل طرف في نشرة الإصدار، ولا يتحمل المضارب الخسائر ما لم يكن مقصراً في مسؤولياته.

      * صكوك المضاربة قابلة للتداول في أسواق رأس المال، ويمكن ضمانها عن طريق طرف ثالث.

      * إمكانية شراء الحكومة لصكوك المضاربة من الشريك لاسترداد الصك بأسلوب المشاركة المتناقصة

      * سهولة مراقبتها مالياً.

      7- صكوك المزارعة: تعرف صكوك المزارعة على أنها وثائق تصدر متساوية القيمة، يتم إصدارها لاستخدام حصيلة الاكتتاب فيها في تمويل مشروع معين على أساس المزارعة، ويصبح لحملة الصكوك حصة في المحصول وفق ما حدده العقد. ويصدر صكوك المزارعة مالك الأرض، ويصبح حملة الصكوك بأموالهم هم المزارعين، ويتم تحديد -في نشرة إصدار الصكوك- كافة التفاصيل الخاصة بالأرض و تكلفتها.

      8- صكوك المساقاة: هي عبارة عن وثائق متساوية القيمة، يتم إصدارها لاستخدام حصيلتها في سقي أشجار مثمرة والإنفاق عليها، ورعايتها على أساس عقد المساقاة، ويصبح لحملة الصكوك حصة من الثمرة وفق ما حدده العقد.

      9- صكوك المغارسة: هي عبارة عن وثائق متساوية القيمة، يتم إصدارها لاستخدام حصيلتها في غرس أشجار، وفيما يتطلبه هذا الغرس من أعمال ونفقات على أساس عقد المغارسة، ويصبح لحملة الصكوك حصة من الأرض والغرس.

       

       

       

       

       

       


    • المحاضرة رقم 11: عمليات إصدار الصكوك الاسلامية

      تتضمن عمليات إصدار وتداول الصكوك إجراءات فنية وضوابط شرعية تبدأ منذ الإعلان عن الاكتتاب فيها، ثم ترافق عمليات التداول من البيع والشراء والرهن والإجارة، وتستمر حتى إطفاء الصكوك وانتهاء أجلها.

      وهذه الضوابط والإجراءات لابد من القيام بها لضمان عدم انحراف الصكوك في أي مرحلة من مراحلها عن الشيء الذي وجدت من أجله، وحتى تحقق الفوائد الاقتصادية المرجوة منها.

      1- إصدار الصكوك:

      تشتمل عملية إصدار الصكوك على خطوات أولية مختلفة يطلق عليها "تنظيم الإصدار" أو "ترتيب الإصدار"، وهذه الخطوات لا تتم بتسلسل موحد، فقد تتقدم خطوة على أخرى دون أن ينشأ عن ذلك خلل، وقد تتم جميع الخطوات أو يقتصر على بعضها، وأحياناً توجد بدائل متعددة لاختيار أحدها، ولكن الوضع الطبيعي أن تقع على النحو التالي:

      أولاً-إعداد التصور والهيكل التنظيمي: الذي يمثل آلية الاستثمار بواسطة الصكوك ودراسة المسائل القانونية والإجرائية والتنظيمية ودراسة الجدوى، وتضمين ذلك كله في نشرة الإصدار، مع وضع النظام أو اللائحة والاتفاقيات التي تحدد حقوق وصلاحيات وواجبات الجهات المختلفة ذات الصلة.

      ومن الأهمية حسن اختيار تلك الجهات لإيجاد عوامل الثقة والطمأنينة لدى المكتتبين، وهذه الخطوة تتم إما من طرف الممولين - بعض البنوك- أو من طرف المستفيد من التمويل - الشركات المحتاجة للتمويل-.

      ثانياً-تمثيل حملة الصكوك (المستثمرين): من خلال تأسيس شركة ذات أغراض خاصة تسجل في مناطق ذات إعفاء ضريبي، وتكون ذات شخصية مستقلة بالرغم من أنها مملوكة بالكامل للمستثمرين؛ وذلك لتمثلهم في إيجاد العلاقات بالجهات المختلفة، وتقوم هذه الشركة بشراء الموجودات التي ستغطي الوحدات المصدرة.

      وبذلك تحقق شرط انفصال الذمة المالية للمصكك الأصلي عن الجهة المصدرة للصكوك، وذلك لتحسين الجدارة الائتمانية للصكوك المصدرة.

      ثالثاً-طرح الصكوك للاكتتاب: بهدف جمع الأموال التي ستمول بها الموجودات الممثلة بالصكوك.

      رابعاً-تسويق الصكوك: وهو إما أن يتم بالطرح مباشرة إلى الجمهور، وإما أن يتم ببيع الصكوك التي تمثل موجودات الأعيان أو المنافع إلى المستثمر الأول الذي يكون بنكا أو مجموعة بنوك؛ وذلك للقيام بتسويقها وبيعها إلى حاملي الصكوك.

      خامساً:التعهد بتغطية الاكتتاب: تسعى الجهة المصدرة للصكوك إلى تأمين تغطية كاملة للإصدار من قبل مؤسسة مالية أخرى مستعدة لذلك التعهد الذي يتطلب منها توفير السيولة، وتستهدف منه الحصول على نصيب من الربح؛ حيث يباع لها بسعر أقل من القيمة الاسمية لتحقيق ربح للجهة المتعهدة بالتغطية، وبعد التملك من تلك الجهة تقوم بتوكيل الجهة المنشئة للإصدار بالبيع والتسويق.

      2- بيع وشراء الصكوك:

      بما أن الصك يمثل حصة شائعة في موجودات الإصدار تستمر طيلة مدة الصك، فيحق لحامله التصرف فيه بالبيع بالقيمة المتراضي عليها بينه وبين المشتري سواء كانت مماثلة للقيمة الاسمية أو السوقية أو أكثر منها أو أقل، ولكن بالشروط والضوابط التالية:

      أولاً:يجوز تداول الصكوك واستردادها إذا كانت تمثل حصة شائعة في ملكية الموجودات من أعيان أو منافع أو خدمات، بعد قفل باب الاكتتاب وتخصيص الصكوك وبدء النشاط، أما قبل بدء النشاط فتراعى الضوابط الشرعية لعقد الصرف - التقابض والتماثل عند اتحاد الجنس، والتقابض عند اختلاف جنس المتبادلين-، كما تراعى أحكام الديون إذا تمت التصفية وكانت الموجودات ديوناً، أو تم بيع ما تمثله الصكوك بثمن مؤجل.

      ثانياً:يجوز تداول صكوك ملكية الموجودات المؤجرة أو الموعود باستئجارها منذ لحظة إصدارها بعد تملك حملة الصكوك للموجودات وحتى نهاية أجلها.

      ثالثاً: يجوز تداول صكوك ملكية منافع الأعيان –الموجودات- المعينة قبل إعادة إجارة تلك الأعيان، فإذا أعيدت الإجارة كان الصك ممثلا للأجرة، وهي دين في ذمة المستأجر الثاني، فيخضع التداول حينئذ لأحكام وضوابط التصرف في الديون.

      رابعاً:لا يجوز تداول صكوك ملكية منافع الأعيان الموصوفة في الذمة قبل تعيين العين التي تستوفى منها المنفعة إلا بمراعاة ضوابط التصرف في الديون، فإذا تعينت جاز تداول الصكوك.

      خامساً:يجوز تداول صكوك ملكية الخدمات التي تستوفى من طرف معين قبل إعادة إجارة تلك الخدمات، فإذا أعيدت الإجارة كان الصك ممثلا للأجرة، وهي حينئذ دين في ذمة المستأجر الثاني فيخضع التداول حينئذ لأحكام وضوابط التصرف في الديون.

      سادساً:لا يجوز تداول صكوك ملكية الخدمات التي تستوفي من طرف موصوف في الذمة قبل تعيين الطرف الذي تستوفي منه الخدمة إلا بمراعاة ضوابط التصرف في الديون، فإذا تعين الطرف جاز تداول الصكوك.

      سابعاً:يجوز تداول أو استرداد صكوك الاستصناع إذا تحولت النقود إلى أعيان مملوكة لحملة الصكوك في مدة الاستصناع، أما إذا دفعت حصيلة الصكوك ثمنا في استصناع مواز أو تم تسليم العين المصنعة للمستصنع فإن تداولها يخضع لأحكام التصرف في الديون.

      ثامناً:لا يجوز تداول صكوك السلم.

      تاسعاً:لا يجوز تداول صكوك المرابحة بعد تسليم بضاعة المرابحة للمشتري، أما بعد شراء البضاعة وقبل بيعها للمشتري فيجوز التداول.

      عاشراً:يجوز تداول صكوك المشاركة وصكوك المضاربة وصكوك الوكالة بالاستثمار بعد قفل باب الاكتتاب وتخصيص الصكوك وبدء النشاط في الأعيان والمنافع.

      الحادي عشر:يجوز تداول صكوك المزارعة والمساقاة بعد قفل باب الاكتتاب وتخصيص الصكوك وبدء النشاط إذا كان حملة الصكوك مالكي الأرض، أما إذا كانوا الملتزمين بالعمل -الزراعة أو السقي- فلا يجوز تداول الصكوك إلا إذا كان التداول بعد بدو صلاح الزرع أو الثمر.

      الثاني عشر:يجوز تداول صكوك المغارسة بعد قفل باب الاكتتاب وتخصيص الصكوك وبدء النشاط سواء كان حملة الصكوك مالكي الأرض أم الملتزمين بالغرس.

      3- إجارة الصكوك: لا يجوز إجارة الصكوك سواء أكانت تمثل سلعا أو منافعًا أو أعيانًا.

      4- رهن الصكوك: والرهن هو: حبس الشيء بحق يمكن استيفاؤه كلا أو بعضا. لذلك هو أداة من أدوات توثيق الدين، وقد شرع الإسلام الرهن لضمان حق الدائن، قال تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)[البقرة: 283].

      وروت السيدة عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما ورهنه درعه".

      وكل ما جاز بيعه جاز رهنه، ومن ذلك الصكوك؛ فطالما جاز بيعها جاز رهنها. لكن إساءة استخدام الرهن يفضي إلى الربا المحرم، من أجل ذلك اشترط الشرع عدة شروط في الرهن هي:

      أولاً:لا يحق للمرتهن أن يستفيد من الرهن وهو في حيازته بشيء منه بوجه من الوجوه وإن أذن له الراهن؛ لأنه أذن له في الربا؛ لأنه يستوفى دينه كاملاً فتبقى له المنفعة فضلا –زيادة- فيكون ربا، فلو استقرض مالا وسلمه داره ليسكنها فهو بمنـزلة الإجارة الفاسدة إن استعملها فعليه أجر مثله ولا يكون رهنا.

      ثانياً: إذا هلك الرهن في يد المرتهن فينظر إلى قيمته يوم القبض وإلى الدين، فإن كانت قيمته مثل الدين سقط الدين بهلاكه، وإلا سقط من الدين بقدره.

      ثالثاً:يفك حبس الرهن بقضاء كامل الدين، ولا يكلف من قضى بعض دينه أو أبرأ بعضه تسليم بعض رهنه حتى يقبض البقية من الدين أو يبرئها اعتبارا بحبس المبيع.

      رابعاً: يجوز للراهن الانتفاع بالمرهون بإذن المرتهن، ولا يجوز للمرتهن الانتفاع بالمرهون بدون عوض مطلقاً بإذن الراهن أو بغير إذنه ويجوز بأجر المثل إذا كان بإذن الراهن.

      5- إطفاء الصكوك  إن إطفاء الصكوك الاسلامية فهو استرداد لمال المضاربة من قبل رب المال في صكوك المقارضة، أو استرداد للمال الداخل في المشروع من قبل المصدر الذي يكون بمثابة الوكيل، أو الشريك في مختلف صكوك الاستثمار.

      وهذا الاسترداد يتم بإحدى الطرق التالية:

      أولاً:تصفية المشروع وتنضيضه حقيقة - بيعه وتحويله إلى نقد وسيولة-، حيث يأخذ صاحب كل صك حقه ونصيبه من الأموال المتوافرة إن ربحا فربح، وإن خسارة فخسارة على الجميع بقدر رؤوس الأموال.

      ثانياً:التنضيض الحكمي، أي تقويم المشروع تقويما عادلا من لدن الخبراء، ثم توزيع الناتج المقدر على حملة الصكوك كل حسب حصته.

      ثالثاً: تمليك الموجودات بالهبة أو بثمن رمزي، أو بالقيمة المتبقية في صورة صكوك الإجارة التي تنتهي بالتمليك.

      وهذا الإطفاء إما أن يكون كليا مرة واحدة في نهاية الإصدار، أو جزئياً بالتدريج خلال سنوات الإصدار.


    • المحاضرة رقم 12: مخاطر الصكوك الإسلامية.

      تعرفّ المخاطر من المنظور المالي بأنها: "إمكانية حدوث انحراف في المستقبل بحيث تختلف النواتج المرغوب في تحقيقها عما هو متوقع، أي توقع اختلافات في العائد بين المخطط والمطلوب والمتوقع حدوثه.

      وتتنوع المخاطر التي تتعرض لها الاستثمارات بمختلف أنواعها، ورغم اختلاف الباحثون في تصنيفها وتقسيمها، فإنه يمكننا تقسيم مخاطر الصكوك الإسلامية كما يلي:

       

       

      1- المخاطر المالية للصكوك الإسلامية:

      وهي المخاطر المتصلة بإدارة الموجودات والمطلوبات، وتتعرض الصكوك الإسلامية إلى هذه المخاطر مثلها مثل الأوراق المالية المتداولة في الأسواق المالية، وأهم ما يمكن توقعه من مخاطر مالية ومدى تأثيرها على الصكوك الإسلامية، ما يلي:

      أولاً: المخاطر الائتمانية:وتسمى كذلك "مخاطر التمويل" أو "مخاطر الاستثمار" أو "مخاطر المداينة"، وتعرف بوجه عام بأنها المخاطر الناشئة عن احتمال عدم وفاء العميل بالتزاماته التعاقدية كاملة وفي مواعيدها. وتكون هذه المخاطر في حالة الصكوك الإسلامية نتيجة سوء اختيار العميل، سواء بعدم وفائه بالتزامات العمل المسند إليه بالنسبة لاستثمارات الصكوك القائمة على صيغ المشاركة في الأرباح، وقد تنشأ كذلك في حالة استخدام حصيلة الاكتتاب في الصكوك في مشاريع تجارية تقوم على المبادلات؛ فقد يدخل في المشروع أثناء عمله معاملات قائمة على أساس مدفوعات آجلة، وفي حالة اعتبار الوعد غير ملزم في استثمارات صكوك المرابحة، تنشأ مخاطر الائتمان في هذه الحالة عند عدم رغبة العميل في استلام السلعة المشتراه ورجوعه عن وعده، أو عدم رغبته في استلام السلعة المستصنعة في استثمارات صكوك الاستصناع - إذا كان عقد الاستصناع جائزا غير ملزم- أو تأخير أو عدم سداد العميل ما عليه من التزامات بالنسبة لاستثمارات صكوك المرابحة وصكوك الإجارة، أو عدم الالتزام بتوريد السلع المتفق عليها وصفاً وزماناً بالنسبة لاستثمارات صكوك السلم.

      وهذا كله يقع في الأساس على عاتق المنشأة مصدرة الصكوك، ومانحة الائتمان للعميل، فوجود الائتمان في العملية الاستثمارية مظنة لوقوع الخطر بفعل عدة أسباب سبق ذكرها، مما يؤثر سلباً على عوائد الصكوك؛ لذا فإن هذه المخاطر تدخل ضمن المخاطر غير النظامية "الخاصة".

      أما مخاطر الائتمان التي يتعرض لها حامل الصك، فتنشأ عن مدى قدرة مصدر الصكوك على دفع العوائد الدورية، وأصل قيمة الصك في تاريخ الاستحقاق، ومن أهم أشكال المخاطر الائتمانية التي تواجه المستثمرين -حملة الصكوك- مايلي:

      1- مخاطر التأخر في الوفاء: وهذا الخطر يحدث إذا توقع حملة الصكوك أن العوائد التي توزع عليهم ستتأخر عدة أشهر، بسبب رغبة المدين في تأخير الوفاء. والمخاطر الائتمانية في أسوأ حالاتها قد تؤدي إلى مخاطر العجز عن الوفاء.

      2- مخاطر العجز عن الوفاء: هذا الخطر يحدث إذا توقع حملة الصكوك إفلاس المدين وعدم القدرة على الوفاء بتسديد العوائد التي توزع عليهم، ويمكن أن يؤدي إلى الانخفاض الجزئي أو الكلي في القيمة الاسمية للصكوك -تآكل رأس مال المستثمرين-، وهذا الخطر يعتمد وقوعه على الجدارة الائتمانية للمدين من خلال درجة التصنيف الائتماني التي تعطى عند بدء التصكيك، والتي تساعد المستثمرين على توقع هذا الخطر قبل اتخاذ القرار الاستثماري في الصكوك المصدرة.

      ثانياً: مخاطر السوق:وتعرف على أنها المخاطر الناتجة عن التحركات العكسية في القيمة السوقية لأصل ما، قد يكون صك استثماري، عملة أو سلعة وغيرها.

      وتندرج تحت المخاطر النظامية "المخاطر العامة"، وهذه المخاطر كفيلة - إذا لم يحسن التصرف معها- بتهديد المشاريع الاستثمارية التي تسعى إلى تحقيق عوائد مناسبة تغطي التكاليف وتحقق أرباحا صافية لحملة الصكوك، ويمكن القول بأنها سلاح ذو حدين؛ فقد يحقق المشروع بسببها أرباحاً عالية أو خسائر فادحة، ويفصل بين هذا وذاك حاجز عدم التأكد، وهذا هو مكمن المخاطرة.

      وتضم أهم المخاطر التالية:

      1- مخاطر سوق الأصول الحقيقية "السلع والخدمات":وهذه المخاطر مرتبطة بطبيعة الصكوك الإسلامية التي تعتمد من أساسها على الملكية لا على المديونية كالسندات التقليدية، وهذه الأصول تباع في الأسواق كأية أصول أخرى، وبالتالي فإنها معرضة لما تتعرض له كافة السلع والخدمات من إمكانية تناقص قيمتها بفعل عوامل السوق، ومن أهم العوامل التى تتفق عليها الأسواق: عوامل العرض والطلب، السياسات الاقتصادية للحكومات، العلاقات الاقتصادية الدولية، الأزمات الاقتصادية.

      2- مخاطر سوق المال: ويمكن تصنيف تلك المخاطر وفقاً لما يلي:

      2-1- مخاطر سعر الصرف: وتنشأ هذه المخاطر في سوق النقد، وتعرف على أنها المخاطر الناجمة عن تقلب أسعار صرف العملات في المعاملات الآجلة التي تعقدها المؤسسات المالية، عند إصدارها بعملة معينة واستثمار حصيلتها بعملات أخرى، أو إذا كانت المنشأة المصدرة للصكوك تحتفظ بمواقع مفتوحة تجاه بعض العملات الأجنبية، أو التزامات الدفع خاصة في عمليات المرابحات والتجارة الدولية.

      2-2- مخاطر سعر الفائدة: تتمثل مخاطر تغير أسعار الفائدة في عدم تأكد أو تقلب أسعار الفائدة المستقبلية؛ حيث تنشأ هذه المخاطر نتيجة التغيرات في مستوى أسعار الفائدة في السوق بصفة عامة. فكلما ارتفعت مستويات أسعار الفائدة في السوق انخفضت القيمة السوقية للأوراق المالية المتداولة، والعكس صحيح مع بقاء العوامل الأخرى ثابتة، وهو ما يؤثر على معدل العائد على الاستثمار؛ حيث يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى جعل الصكوك ذات العائد الثابت نسبيا أقل جاذبية، ومن ثم انخفاض أسعارها، بينما يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى العكس، وكلما قل معدل العائد الدوري كلما ازداد تأثير أسعار الفائدة على سعر الصك. وتعتبر الصكوك ذات العائد المتغير أقل تأثراً بالتغيرات في أسعار الفائدة.

      2-3- مخاطر معدل العائد: تتعرض المؤسسات المالية الإسلامية لمخاطر معدل العائد في سياق المخاطر الإجمالية داخل قوائم مراكزها المالية نتيجة للتغير في قيمة النقود ارتفاعاً أو انخفاضاً، وأي ارتفاع في المعدلات القياسية المقارنة قد يؤدي إلى توقع حملة الصكوك لمعدل عائد أعلى، وقد تضطر المؤسسات المالية الإسلامية تحت ضغط السوق إلى دفع عائد يفوق العائد الذي حققته فعلاً موجودات الصكوك، إذا كانت عوائد الصكوك الإسلامية دون المستوى مقارنة بمعدلات المنافسين، وقد يقرر مُصدِر الصكوك التنازل عن حقوقها في كل جزء من حصصه في أرباح المشروع لإرضاء حملة الصكوك والاحتفاظ بهم كشركاء دون التخلي عن صكوكهم، وتنشأ المخاطر التجارية المنقولة نتيجة لضغوط تنافسية على المؤسسات المالية لجذب مستثمرين –حملة الصكوك- والاحتفاظ بهم، وقد تكون هناك مخاطر انخفاض معدل العائد نتيجة كون الصكوك الإسلامية يتم توظيفها في مشروعات قد يكون لها جانب اجتماعي مما يؤدي إلى انخفاض عائدها مما قد يؤدي إلى عدم الاقبال على شرائها.

      3- مخاطر تقلبات أسعار الأوراق المالية:تتغير أسعار الصكوك الإسلامية بحسب أوضاع السوق، حتى لو لم تحدث أي تغيرات في المعطيات الأساسية للمُصدر، حيث لا تكاد تخلو الأسواق المالية من تقلبات أسعار الأوراق المالية المتداولة فيها سواء كانت تقليدية أم إسلامية، بسبب عوامل حقيقية أو عوامل مصطنعة وغير أخلاقية، كالإشاعات والاحتكار والمقامرة والبيع والشراء الصوري ونحو ذلك، وهو ما يؤثر على القيمة السوقية للصكوك الإسلامية.

      4- مخاطر التضخم: تندرج هذه المخاطر تحت المخاطر النظامية، وتنشأ نتيجة الانخفاض في القوة الشرائية للعملة نتيجة للزيادة المستمرة في المستوى العام للأسعار، مما يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للعملة، وهو ما يعني تعرض الأموال المستثمرة وعوائدها لانخفاض في قيمتها الحقيقية.

      ثالثاً: مخاطر السيولة:هذا النوع من المخاطر على خلاف الأنواع الأخرى السابقة يرتبط بمصدر الصكوك وليس بالطرف المقابل، وتندرج ضمن المخاطر غير النظامية –الخاصة-، وتظهر في حالة الصكوك الإسلامية عندما لا يستطيع المصدر تلبية الالتزامات الخاصة بمدفوعاتها في مواعيدها بطريقة فعالة؛ لعدم كفاية السيولة لتلبية متطلبات التشغيل العادية أو المفاجئة، أو لتسديد العوائد الدورية لحملة الصكوك، أو لتسديد الزيادة في قيمة الصكوك عند استحقاقها، نتيجة انخفاض التدفقات النقدية للمشروع فجأة، مما يقلل من مقدرة المصدر على الوفاء بالتزاماته التي حانت آجالها، وقد ينتج عن حالة اللاسيولة الشديدة لدى المصدر أو تؤدي إلى تعثر أو إخفاق الإصدار.

      ونرى أن هذا النوع من المخاطر قد يكون نتيجة لمخاطر الائتمان ومخاطر الصكوك العينية التي قد تتعرض لها عملية التصكيك.

      2- المخاطر التشغيلية للصكوك الإسلامية:

      تعتبر المخاطر التشغيلية من المستجدات في عالم إدارة المخاطر الحديثة، وهي تعني تلك المخاطر المتصلة بأوجه الاختلال الوظيفي في نظم المعلومات، ونظم رفع التقارير، وفي قواعد رصد المخاطر الداخلية، ويكون مصدرها الأخطاء البشرية أو المهنية أو الناجمة عن التقنية أو الأنظمة المستخدمة أو القصور في أي منها، وليس لها علاقة مباشرة مع ظروف الأسواق المالية.

      وتندرج المخاطر التشغيلية تحت المخاطر العامة؛ إذا كانت بفعل عوامل خارجة عن سيطرة المشروع، وتندرج هذه المخاطر تحت المخاطر الخاصة؛ إذا كانت بفعل عوامل داخلية، كعدم كفاية التجهيزات أو الوسائل التقنية أو الموارد البشرية المؤهلة والمدربة، أو فساد الذمم، أو عدم توافر الأهلية الإدارية -أي الكفاءة الإدارية- القادرة على القيام بمهام الوكالة عن الملاك، وتحقيق الأرباح مع نموها واستقرارها مستقبلاً، والمحافظة على المركز التنافسي للصكوك ونحو ذلك، ومن خلال صورية أو ضعف الرقابة الشرعية، مما يؤثر سلباً في ثقة المتعاملين وسمعة المنشأة لديهم، وهو الأمر الذي من شأنه أن يترك آثاراً على القيمة السوقية للصكوك الإسلامية.

      كما تشمل أيضا المخاطر القانونية حيث اعتبرتها اتفاقية بازل للرقابة المصرفية جزءاً من مخاطر التشغيل.

      ويلاُحظَ على مخاطر التشغيل أنها تكون في أدنى مستوياتها إذا تعلق الأمر بالصكوك الحكومية، إلا إذا تعلق الأمر بالحروب، والنـزاعات، وبالظروف التي تكون خارجة عن سيطرة الدولة.