Section outline
-
-
تتناول المطبوعة بالتفصيل جميع محاور المقرر الدراسي الخاص بالمنهجية
-
-
-
تطبيق من قانون الإجراءات المدنية والإدارية
جاء في نص المادة 898 من القانون رقم 09-08 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية أنه:" يعرض محافظ الدولة تقريره المكتوب. يتضمن التقرير عرضا عن الوقائع والقانون والأوجه المثارة ورأيه حول كل مسألة مطروحة والحلول المقترحة للفصل في النزاع، ويختتم بطلبات محددة". لتحليل هذه المادة وجب أن نمر بمرحلين أولهما تحضيرية والأخرى تحريرية.
أولا: المرحلة التحضيرية
كما سبق وأن ذكرنا في هذه المرحلة يتم جمع المعطيات والمعلومات التي تخص النص القانوني، لتحديد مجال التحليل، لذا على الطالب اتباع الخطوات الآتية:
1- طبيعة النص: قانون عادي وليس عضي أو أمر تشريعي صادر من رئيس الجمهورية.
2- الجهة التي أصدرت النص: هو البرلمان بغرفتيه فهو من قبيل القوانين العادية لا العضوية التي يصدرها البرلمان بموجب الاختصاص الذي خوله إياه الدستور[1].
3- تاريخ صدور النص: صدر النص بصدور قانون الإجراءات المدنية والإدارية رقم 09-08 المؤرخ في 25/04/2008 الملغي للنص القديم الأمر رقم 66-154 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق 8 يونيو سنة 1966 والمتضمن قانون الإجراءات المدنية، المعدل والمتمم.
4- الكلمات المفتاحية: محافظ الدولة - التقرير
5- الفكرة العامة للنص: تدور فكرة النص حول التقرير الذي يعده محافظ الدولة بعد أن يصبح ملف الدعوى بين يديه
6- الأفكار الأساسية: يتكلم النص عن شكل تقرير المحافظ كفكرة أولى ثم تطرق إلى مضمونه كفكرة ثانية، مما يعني ان ننقل بطريقة آلية إلى الحالات التي تجعله باطلا كفكرة ثالة ثم النتيجة التي تترتب عن إعداده أو عدم إعداده كفكرة رابعة.
7- الخطة أو التصميم: وهي البناء الذي ينبني عليه المقال والذي سيعتمد عليه الباحث في التحليل وحسب النص أعلاه فإن خطة المقال ستكون على النحو الآتي:
ü المبحث الأول: شكل تقرير محافظ الدولة
ü المبحث الثاني: مضمون تقرير محافظ الدولة
ü المبحث الثالث: بطلان تقرير محافظ الدولة
ü المبحث الرابع: الآثار الناجمة عن إعداد التقرير
ثانيا: المرحلة التحريرية
ويتم فيها تحرير المقال بناء على المادة المذكورة أعلاه وذلك باحترام منهجية التحرير وتقسيم الموضوع إلى مقدمة وعرض وخاتمة وفق ما هو مبين أدناه:
1- مقدمة
إن مجلس الدولة هو الهيئة التي تراقب سيادة القانون، لذا فإن وجوده وعمله وأزماته يرتبط بمضمون سيادة القانون ارتباطا وثيقا، وعمله الرئيسي هو الرقابة على نشاط الإدارة العامة، وبفضله أصبح القضاء الإداري في فرنسا هو القضاء النموذجي الذي يحتذ به، لأنه لم يبلغ مبلغه من الرقي والمستوى الرفيع إلا بفضل الجهود الموفقة التي يبذلها محافظي الدولة والبحوث القانونية التي يقدمونها في شكل تقارير، وهذا ما تنبه إليه المشرع الجزائري فجسده بموجب مجموعة من المواد من بينها المادة 898 من القسم الخامس المعنون بدور محافظ الدولة من الفصل الثالث المعنون بالفصل في القضية من الباب الأول المعنون بالإجراءات المتبعة أمام المحاكم الإدارية من الكتاب الرابع المعنون بالإجراءات المتبعة أمام الجهات القضائية الإدارية من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، التي جاءت خصيصا موجهة إلى كل من يشغل منصب محافظ دولة داخل هيئات القاضي الإداري لتزمه بإعداد تقرير حول كل قضية تعرض عليه باعتباره جزء من الإجراءات القضائية الإدارية.
فقد أدرك أن نجاح القانون الإداري في الجزائر مرهون بنجاح نظام محافظ الدولة، ونجاح هذا الأخير مرهون بالتقارير التي يعدها، فما مدى فعالية ونجاعة هذه التقارير؟وكيف يتم إعدادها؟ وما هو مصدرها؟.
للإجابة على هذه التساؤلات ينبغي استعمال المنهج التحليلي الوصفي للتمكن من تحديد شكل ومضمون تقرير محافظ الدولة، وكذا لتحديد مدى إمكانية الاعتماد عليه أو إبطاله، والآثار الناجمة عنه، وسنغطي ذلك من خلال المباحث الآتية:
المبحث الأول: شكل تقرير محافظ الدولة
المبحث الثاني: مضمون تقرير محافظ الدولة
المبحث الثالث: بطلان تقرير محافظ الدولة
المبحث الرابع: الآثار الناجمة عن إعداد التقرير
2- العرض
المبحث الأول
شكل تقرير محافظ الدولة
جاء في نص المادة 898 من القانون رقم 08-09 المؤرخ في 25/04/2008 والمتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية، أن محافظ الدولة يعرض تقريره المكتوب، لكن بعد أن ينهي القاضي المقرر مهامه المنوطة به، والمتمثلة في الإشراف على سير الدعوى وتوجيهها إلى ان تصبح جاهزة للفصل فيها، فيعد تقريرا يقوم فيما بعد بتلاوته في الجلسة[2].
وفيما يخص تقري محافظ الدولة فينبغي حسب مقتضيات المواد 897،898 من القانون أعلاه أن تتوافر فيه مجموعة من الشروط كالكتابة واللغة، ناهيك عن تحديد طبيعته وكيفية إعداده.
المطلب الأول
كتابة التقرير
حسب مقتضيات المادة 898 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، يجب أن يكون تقرير محافظ الدولة مكتوبا، حتى يتمكن كل ذي مصلحة من مراقبته من الناحية القانونية، ومن ثم فإن ما يبديه المحافظ من ملاحظات شفوية – سواء أمام المحاكم الإدارية أو مجلس الدولة-لا يعد تقريرا بالرأي القانوني[3]، بل هي مجرد ملاحظات و إيضاحات لما ورد بالقرير من أمور قانونية أو فنية.
وقد أكد هذا المعنى ما جاء في نص المادة التاسعة من نفس القانون التي تنص على أن:" الأصل في إجراءات التقاضي أن تكون مكتوبة "، والمقصود بإجراءات التقاضي هنا كل عمل يصدر عن الجهات القضائية مهما كان نوعه.
المطلب الثاني
لغة التقرير
لم يحدد المشرع الجزائري اللغة التي ينبغي أن يكتب بها تقرير محافظ الدولة، لذا يجب الرجوع إلى القواعد العامة في غياب النص الخاص، والتي منها على سبيل المثال نص المادة السابعة من القانون رقم 91-05 المؤرخ في 16/01/1991 والمتضمن تعميم استعمال اللغة العربية[4] والتي تنص على :" تحرر العرائض والاستشارات، وتجري المرافق أمام الجهات القضائية وآراء المجلس الدستوري ومجلس المحاسبة وقراراتها باللغة العربية وحدها" وكذلك نص المادة الثامنة من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، والتي جاءت لتكريس مبادئ الدستور، والتي تجعل من تحرير العرائض والاستشارات وكل عمل يصدر عن الجهات القضائية من أحكام وقرارات يتم باللغة العربية، وقد شمل الإلزام كافة الإجراءات دون استثناء، بما فيها الوثائق والمستندات التي يرى الأطراف الخصومة ضرورة تقديمها تعزيزا لادعاءاتهم أو دفوعهم، بحيث يجب أن تكون مصحوبة بترجمة رسمية إلى اللغة العربية، غير انه لا تعتبر هذه الأخيرة رسمية إلا إذا قام بتحريرها مترجم معتمد لدى وزارة العدل[5].
وعلى هذا الأساس يجب أن تطبق هذه الأحكام على تقرير محافظ الدولة على اعتبار أنه أحد الأعمال التي تصدر من الجهات القضائية، وذلك تحت طائلة البطلان المثار تلقائيا من القاضي الإداري.
المطلب الثالث
الطبيعة القانونية لتقرير محافظ الدولة
التقرير الذي يعده محافظ الدولة ليس بحكم، بل هو رأي استشاري تستنير به المحكمة للوصول إلى الحكم الصائب في الدعوى المعروضة للفصل فيها، لذا لا يمكن أن نخضعه خضوعا كاملا للأحكام القانونية التي تخضع لها الأحكام، وإن كان يمكن استنباط البعض من تلك الأحكام، لنخضع لها تقرير محافظ الدولة بما لا يتعارض مع كونه رأيا استشاريا[6]، الذي قد يأخذ به قاضي الحكم وقد لا يأخذ به فهو غير ملزم به، وفيما يتعلق بهذه المسألة يجدر التنويه إلى معظم أحكام مجلس الدولة الفرنسي مأخوذة من تقارير مفوضي الحكومة، وفي كثير من الأحيان بنفس الألفاظ والعبارات.
المطلب الرابع
إعـداد التقــرير
جاء في نص المادة 897 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية أنه:" يحيل القاضي المقرر وجوبا ملف القضية مرفقا بالتقرير والوثائق الملحقة به إلى محافظ الدولة لتقديم تقريره المكتوب في أجل شهر واحد من تاريخ استلامه الملف. يجب على محافظ الدولة إعادة الملف والوثائق المرفقة به إلى القاضي المقرر بمجرد انقضاء الأجل المذكور".
باستقراء المادة أعلاه نجد أن دور محافظ الدولة يقتصر على إعداد التقرير في غضون شهر من الزمن، وفي هذه المسألة بالذات ما يقال إذ كان يجدر بالمشرع الجزائري أن يترك تقدير المدة التي يحتاجها لإعداد تقرير للمحافظ نفسه، فطبيعة كل قضية تعرض عليه تفرض عليه المدة التي يحتاجها فمنها ما يستغرق في إيجاد حلها القانوني أقل من المدة أعلاه، ومنها ما يستغرق مدة شهر، غير أنه هناك من القضايا المستعصية والمتشعبة ما تحتاج إلى أكثر من هذه المدة بكثير قد تصل إلى سنة، كما هو الحال في فرنسا.
ومهما كانت المدة والتي هي فعليا مقدرة بشهر من الزمن على محافظ الدولة أن يدرس الملف المحال إليه دراسة معمقة تحليلية وبعد استعراض مختلف النصوص القانونية والنظريات الفقهية و الاجتهادات القضائية[7] و يختمها بإعداده تقريره.
المبحث الثاني
مضمون تقرير محافظ الدولة
على غرار تقرير كل من مفوض الحكومة في فرنسا ومفوض الدولة في مصر، فإن تقرير محافظ الدولة يتضمن الحلول القانونية التي تتفق مع المبادئ العامة والنظريات التي يتشكل منها القانون العام دون تجاهل أية معطيات أخرى، وهذا الوضع لم يكن موجودا من قبل وبالضبط قبل صدور قانون الإجراءات المدنية والإدارية، لأن محافظ الدولة كان يمارس مهام النيابة العامة والتي كانت تبدي طلبات مضمونها تطبيق القانون فقط.
والأبحاث القانونية التي يقوم بها المحافظ أو التي يفترض به القيام بها، تحتم عليه أن يتمتع بالسلطة التقديرية وحرية التكييف والتفسير، وان يكون عمله قائما على مبدأ التخصص وتقسيم العمل، وبالنتيجة يتمكن من الإحاطة بخلفيات العمل الإداري ومن فهم البيئة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحيطة بالوظيفة الإدارية في الدولة والمؤثرة في الأعمال الإدارية، وسنعالج في هذا المبحث الموضوعات أو المسائل المهمة التي يتناولها تقرير محافظ الدولة كالبيانات وعرض عن الوقائع والقانون والأوجه المثارة، ثم رأيه حول المسائل المطروحة ليقترح في الأخير الحلول القانونية المناسبة.
المطلب الأول
بيـانـات التقـرير
لم يحدد قانون الإجراءات المدنية والإدارية البيانات الواجب وضعها بالتقرير باستثناء ما جاء في نص المادة 898، وعلى العموم يفترض في تقرير المحافظ أن يتضمن اسم المحافظ الذي أعده وكذا الجهة القضائية الإدارية التي يعمل لديها- سواء كانت المحكمة الإدارية أو مجلس الدولة- ثم رقم الدعوى والسنة القضائية التي رفعت خلالها، ليبدأ بعد ذلك بشرح موجز لوقائع النزاع وطلبات المدعين في الدعوى.
ويبين التقرير أيضا هل أن القضية معوضة للفصل فيها ابتدائيا أو ابتدائيا نهائيا أم هي محالة من الجهات القضائية الأخرى، وتاريخ رفعها ورقمها، حتى تتم مراقبة المواعيد القانونية.
المطلب الثاني
عرض عن الوقائع والقانون والأوجه المثارة
بعد ذكر بيانات التقرير المفترضة، يذكر المحافظ ما تم اتخاذه من إجراءات قانونية في مرحلة التحقيق وبالضبط أثناء تهيئة القضية للفصل فيها من قبل القاضي المقرر، فيلخص الإجراءات التي تمت على ضوء ما يملكه من محاضر – كمحضر سماع الشهود أو المعاينة أو الخبر أو المعاينة أو مضاهاة الخطوط وتبادل الردود والمذكرات مابين الخصوم وكذا الملفات المنتجة في الدعوى والتي قام بتقديمها الخصوم- ويذكر ما إن كانت طلبات تدخل في الدعوى[8] ، وكذا الأوجه المثارة من طرف الخصوم.
المطلب الثالث
إبداء الرأي حول المسائل القانونية المطروحة
يعرض محافظ الدولة في تقريره تكييفه القانوني لطلبات المدعين في الدعوى الإدارية، ليتناول بعدها الدفوع المثارة ويرد عليها حسب ترتيب أهميتها في البحث، ليبدي رأيه مسببا – سواء كانت الأسباب قانونية أم مستنبطة من واقع النزاع المعروض أمامه[9]، ويستند في ذلك إلى النصوص القانونية التي تحكم النزاع، غير أنه إن لم يجد يلجأ إلى الاجتهادات القضائية للغرفة الإدارية للمحكمة العليا سابقا أو مجلس الدولة حاليا، فإن لم يجد عندها عليه أن يستنبط هو الحل بنفسه، على ضوء المبادئ العامة للقانون وقواعد العدالة بحيث يراعي في ذلك مصلحتي طرفي الخصومة وأن يحاول بأن يوازن بينهما.
المطلب الرابع
الحلول القانونية المقترحة
وهي ثمرة عمل محافظ الدولة أو على الأقل ما يفترض به أن يعمل، وبمعنى آخر العمل الذي وجد من أجله، فهو يقدم مساعدة فنية قانونية بحتة – البعض يسميها هندسة الحلول أو هندسة النتائج[10]- وتتمثل في النتائج أو الحلول القانونية التي تفرض على محافظ الدولة من أن يلعب دورا محددا وهو اقتراح حلول دقيقة ومحددة وهي في الغالب نوعين، النوع الأول هو الذي يتضمن حلا واحدا les conclusions monistes بمعني ذلك الحل الذي يحمل مبررا وحيدا يفرض على قاضي الحكم إما القبول أو الرفض النهائي للحل المقترح، ومعناها الحقيقي يكمن في تأكيد المحافظ بوجود طريق قانوني وحيد يسمح بحل القضية المعروضة للفصل فيها يعتمد على أدلة موجودة أو ممكنة الوجود، أما النوع الثاني فهو الذي يتضمن حلولا عدة les conclusions alternatives وتكون فقط عندما تكون القضية المعروضة للفصل فيها، والتي تفرض مشاكل قانونية معقدة وصعبة حول الحلول القانونية التي يتوصل إليها محافظ الدولة، والتي أحيانا يكون مترددا بشأنها.
في هذه الحالة على محافظ الدولة أن يعرض خيارا باستخلاصه نتائج قانونية آخذا بعين الاعتبار الموازنة بين مصلحتي طرفي الخصومة، ويكون بذلك قد أجاب عن الإشكالات القانونية المرتبطة بالخيارات التي وضعها[11].
في الأخير ينتهي المحافظ باقتراح الحل الذي يراه مناسبا لفض النزاع، دون أن يتقيد بمشروع القرار الذي أعد القاضي المقرر بحياد تام ولصالح القانون وحده[12].
المبحث الثالث
بطلان تقرير محافظ الدولة
حتى يتم الاعتداد بتقرير محافظ الدولة ينبغي أن تتوافر فيه مجموعة من المقومات وإلا عد باطلا وحالات الإبطال عديدة ومختلفة كالحالة التي يكون فيها محافظ الدولة غير مختص أو أن يعد التقرير بغير اللغة العربية أو في حالة وقف محافظ الدولة عن العمل أو مرور الأجل المحدد لإعداده.
المطلب الأول
حالة عدم اختصاص محافظ الدولة
الاختصاص هو المكنة أو القدر القانونية التي تخول للمحافظ القيام بمهامه المنوطة به، والاختصاص هنا شرط أساسي لصحة إعداد التقرير، إذ ينبغي على المحافظ أن يحتفظ بهذه الصفة لدى إعداده وإلا عد تقريره باطلا بطلان مطلق لتعلقه بالنظام العام، ويمكن لقاضي الحكم أن يثيره من تلقاء نفسه، على اعتبار أن ما يبنى على باطل فهو باطل.
وحسب القانون العضوي رقم 04-11 المؤرخ في 06/09/2004 والمتعلق بالقانون الأساسي للقضاء فإن محافظ الدولة يكون غير مختص في الحالات الآتية:
1- ينتفي اختصاص محافظ الدولة في حالة الاستقالة وفقا لمقتضيات المادة 85 من القانون الأساسي للقضاء[13].
2- ينتفي كذلك في حالة الإحالة على التقاعد أو في حالة النقل لوظيفة غير قضائية[14]، والتي تكون لأسباب عدة من بينها:
أ- المرض الذي يقعده عن تأدية مهامه بالوجه اللائق[15].
ب- الإحالة على التقاعد كجزاء تأديبي[16].
المطلب الثاني
وقف محافظ الدولة عن العمل
يعد تقرير محافظ الدولة باطلا إذا ما صدر قرار بإيقافه عن العمل فورا من طرف وزير العدل
ويكون ذلك في حالة إذا ما بلغ إلى علم هذا الأخير أن المحافظ ارتكب خطأ جسيما، سواء تعلق الأمر بالإخلال بواجبه المهني، أو أنه ارتكب جريمة من جرائم القانون العام، والتي تكون مخلة بشرف المهنة بطريقة لا تسمح ببقائه في منصب عمله[17].
ويمكن أيضا وقف محافظ الدولة في حالة العزل المنصوص عليها في نص المادة 63 من القانون الأساسي للقضاء، والتي تقضي بأن يتم عزل محافظ الدولة – على اعتبار أنه قاضي ويخضع لنفس الأحكام التي يخضع لها القضاة العاديين- في حالة تعرضه لعقوبة جنائية أو عقوبة الحبس من أجل جنحة عمدية.
المطلب الثالث
إعداد التقرير بغير اللغة العربية
جاء في نص المادة الثامنة من قانون الإجراءات المدنية والإدارية أن كل ما يصدر عن الهيئات القضائية من أعمال، يجب أن يصدر باللغة العربية تحت طائلة البطلان المثار تلقائيا من القاضي.
وعلى هذا الأساس فإن تقرير محافظ الدولة – الذي يعتبر عمل قانوني أو محرر قانوني يخضع لما تخضع له المحررات الرسمية – يجب أن يكون مكتوبا باللغة العربية قياسا لما تخضع له الأحكام.
غير أننا نفرق بين كتابة التقرير وبين التوقيع عليه، فصحيح أن كلاهما يجب أن يكون باللغة العربية، إلا أن الفارق بينهما يكمن في أن عدم إعداد التقرير باللغة العربية يجعل منه عملا باطلا، لا يمكن تصحيحه، ويعتبر صحيحا إذا ورد بالتقرير عبارة أو لفظ باللغة الأجنبية، ما دام هذا اللفظ يمكن للجميع فهم معناه.
أما بالنسبة للتوقيع بغير اللغة العربية يجعل من تقرير المحافظ باطلا، لكنه بطلان نسبي يمكن تصحيحه، إذ يمكن لتشكيلة الحكم بالمحكمة الإدارية أو مجلس الدولة أن تعيد التقرير للمحافظ الذي أعده لإعادة توقيعه باللغة العربية، فإن لم يفعل بطل التقرير.
المطلب الرابع
عدم تسبيب التقرير
ويقصد بتسبيب التقرير تبيان الاعتبارات والأسانيد القانونية والواقعية التي بنى عليها محافظ الدولة حلوله القانونية التي توصل إليها، وتعتبر هذه المهمة من أشق المهام الملقاة على عاتقه لأنه يتطلب منه إقناع طرفي الخصومة وتشكيلة الحكم مثلما اقتنع هو بهذه الحلول.
وتسبيب التقرير يتطلب من المحافظ القيام بعملية ذهنية يبحث بمقتضاها عن الوقائع التي عرضت عليه، ونوقشت بحضور أو بمعرفة الخصوم، وتم إثباتها حسب طرق الإثبات المقررة قانونا، حتى يقوم بتكييفها التكييف القانوني السليم، تمهيدا لتطبيق النص القانوني الملائم عليها من دون التقيد بما تمسك به الخصوم من أوصاف لتأييد ادعاءاتهم[18].
ويجدر التنويه إلى أن المشرع الجزائري لم ينص على ضرورة تسبيب تقرير محافظ الدولة، غير أنه قياسا على ضرورة تسبيب الأحكام التي تعتبر من أكبر الضمانات التي فرضها الدستور الجزائري ونضمها قانون الإجراءات المدنية والإدارية، نجد أنه من الضروري أن يكون تقرير المحافظ مسببا.
ولعل نص المادة 11 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية لهو خير دليل على ذلك، إذ تنص على:" يجب أن تكون الأوامر والأحكام والقرارات مسببة"، والتسبيب هنا لا يقتصر على الأحكام والقرارات القضائية الفاصلة في الموضوع فقط بل يمتد ليشمل جميع الأعمال القضائية والأوامر سواء أو ذات الطابع الولائي، وذلك لأن صياغة النص جاءت عامة لتشمل كل ما يصدر عن الجهات القضائية[19].
المطلب الخامس
مرور الأجل المحدد لإعداد التقرير
يعد تقرير المحافظ باطلا في حالة إذا ما لم يقم هذا الأخير بإعداده في غضون المدة المحددة في نص المادة 897 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية والمحددة بشهر يحسب من تاريخ استلامه الملف، وعلى المحافظ أن يعد تقريره خلال هذه المدة، وإلا فهو مجبر على إعادة الملف والوثائق المرفقة به إلى القاضي المقرر بمجرد انقضاء الأجل المذكور.
المبحث الرابع
الآثار الناجمة عن إعداد التقرير
ينتج عن إعداد محافظ الدولة لتقريره على أكمل وجه العديد من الآثار والنتائج التي يمكن إجمالها في
محاولة كسب ثقة قضاة الحكم و إنهاء المنازعة الإدارية في وقت قصير وكذا تخفيف العبء على كاهل القضاة و محاولة جعل المراكز القانونية مستقرة على أساس ثابت من القانون.
المطلب الأول
كسب ثقة قضاة الحكم
إن الجهود الموفقة التي يبذلها محافظي الدولة[1] و البحوث القانونية التي يقدمونها والاستنتاجات التي يتوصلون إليها في تقاريرهم ساعدت عـلى رقي مجلس الدولة ورفعت من مستواه ، كما أنـهم تمـكنوا مـن كسب ثقة قضـاة الحكم الذين يفصلون في المنـازعات الإدارية، والدليل على ذلك تبنيهم لتوجيهات محافظي الدولة وتضمينها في أحكامهم، وفي كثير من الأحيان بنفس الألفاظ والعبارات فتقتصر مهمة القاضي الإداري على التعقيب على تقرير محافظ الدولة لكي تستقر الأحكام والمبادئ، وقد شبهته محكمة العدل للمجموعة الأوروبية La cour de justice de la communauté européenne ، بالمحامي العام الذي يشارك في وظيفة القضاء وقد توصلت هذه المحكمة في تحليلها لعمل المفوض بأنه عضو في الهيئات القضائية وليس في تشكيلة الحكم، وتضيف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأنه ليس بقاضي بل مستشار قانوني يعبر عن رأيه الشخصي بكل حياد واستقلالية، وتتساءل حول معنى مشاركته في المداولات.
المطلب الثاني
سرعة إنهاء المنازعة الإدارية
إن أحد أهداف وضع نظام محافظ الدولة هو إنهاء المنازعة الإدارية في وقت قصير وفي وبشكل فعال، بحيث يتمكن محافظ الدولة من إيجاد نقطة التوازن بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة وتضمينها في تقريرهم، وذلك من خلال تخفيف العبء عن المستشارين حتى يتفرغوا لمهمة الفصل السريع في المنازعات الإدارية، بحكم أن محافظ الدولة أصغر سنا وأكثر قدرة على البحث الطويل ليقدم مساعدة فنية ممتازة تقوم على الدراسة والتأصيل والإبداع[2].
كما لا يخفى على أحد بمكان أنه في عصرنا الحاضر تزايد عدد المنازعات المعروضة القضاء وتنوعها، وواكب هذا التزايد تعدد القوانين وتطورها المستمر، فمن غير المعقول أن تعرض على القاضي الإداري في جلسة واحدة أو عدة جلسات ليفصل في مجموعة من القضايا تحكمها نصوص مختلفة ومتباينة وهذا أمر غير ممكن[3]، بل وحتى ولو سلمنا بوجود هذا النوع من القضاة، فإنهم سوف لن يجدوا من الوقت والجهد ما يمكنهم من ملاحقة سيل القوانين، وهذا أمر يعود بالضرر على المتقاضين أنفسهم، لأنه أمام سيل القوانين وكثرة الملفات سوف يضطر القاضي الإداري إما للتعجل في إصدار الأحكام دون روية، أو أن يتروى فيترتب على ذلك تأخير الفصل في المنازعات وفي الحالتين لا تستقيم العدالة[4].
كمـا أن الأفـراد لا يريدون إلا تحقيق مصالحهم الخاصة التي قد تتعارض مع المصلحة العامة، فضلا عن أن من ينوب عن الإدارة العامة قد يتراخى في متابعة الدعوى، في حين يتوق الفرد عادة إلى إنهاء المنازعة في أقصر وقت وبأقل التكاليف، ومن أجل ذلك عمدت الكثير من الأنظمة القضائية إلى الأخذ بنظام محافظ الدولة لتخفيف العبء على قضاة الحكم.
المطلب الثالث
تخفيف العبء على كاهل القضاة الإداريين
في الواقع إن تبني نظام محافظ الدولة في فرنسا كان له الأثر الإيجابي في تخفيف العبء على عاتق الجهاز القضائي، لاسيما القضاة الإداريين الذين يفصلون في الدعاوى الإدارية، هذا لأن دوره يكمن في تقديم الحل القانوني بعد مقابلة الوقائع والمسائل القانونية التي يثيرها النزاع، فالغاية الأساسية من وضع هذا النظام هو تخفيف العبء عن القضاة، وذلك بالنظر للكم الهائل للقضايا المطروحة للفصل فيها.
غير أنه – في الجزائر- يتضح من خلال إحصائيات عدد القضايا المسجلة والمفصول فيها في المواد الإدارية من سنة 1995 إلى غاية 2007، والتي تدل على أن استحداث نظام محافظ الدولة لم يحدث أي تغيير فنسب الفصل الدعاوى متقاربة جدا قبل وبعد استحداث هذا النظام، كما يتضح أن القاضي الإداري يفصل في الدعاوى الإدارية بمعدل متقارب، إن لم نقل نفسه غير أنه بالاطلاع على القضايا التي فصل فيها القضاء الإداري سابقا على يد الغرفة الإدارية للمحكمة العليا أو مجلس الدولة حاليا، يلاحظ أن عملية الفصل يراعى فيها الكم على حساب الكيف أو النوعية وهذا ما سنبينه وفقا للجدول[5] الآتي:
السنوات
مجموع القضايا المسجلة
مجموع القضايا المفصولة
نسبة الفصل
1995
15202
10252
67,44%
1996
19916
11300
56 ,74%
1997
19845
14810
74,63%
1998
21623
14470
66,92%
1999
26449
16672
63,03%
2000
29208
18212
62,35%
2001
44477
28496
64,07%
2002
33223
19300
58,09%
2003
33747
20260
60,03%
2004
30161
20568
68,19%
2005
34396
24343
70,77%
2006
32559
22661
69,60%
2007
36173
27415
75,79%
المطلب الرابع
استقرار المراكز القانونية
لعب محافظ الدولة – سواء في النظام القضائي الفرنسي أو النظام القضائي المصري –الدور البارز في جعل المراكز القانونية سواء العامة أو الخاصة مستقرة على أسس قانونية ثابتة، باعتباره المهيمن على المنازعة الإدارية، فيتولى إبداء الرأي القانوني في تقريره حسب الحالة التي تعرض عليه ويقدمها للمحكمة أو لمجلس الدولة في أسرع وقت و بأقل كلفة يتكبدها الخصوم[6].
لذلك أصبح القضاء الإداري في فرنسا هو القضاء النموذجي الذي يحتذ به، فقد يحدث أن يغفل القضاة مسألة جوهرية أو يخالفوا نصا قانونيا صريحا، وتجنبا لهذا وضع نظام محافظ الدولة ليدرس الدعوى دراسة وافية، ويجتهد في إعداد تقريره فإن اعترى النص الذي اعتمد عليه أية غموض أو قصور اجتهد في تفسيره تفسيرا سليما بناءا على قواعد التفسير الداخلية و الخارجية[7]، بل يتعدى ذلك إلى ابتداع القواعد القانونية في حالة غياب النص[8].
1- الخاتمة
إن نظام محافظ الدولة من ضرورات القضاء الإداري ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاستغناء عنه حتى ولو شابه العديد من السلبيات، فتقارير محافظ الدولة بما تتضمنه من حلول قانونية تسهل وتسرع من عملية الفصل في الدعاوى لما تتطلبه من سرعة الفصل فيها، ناهيك عن تخفيف العبء عن كاهل قضاة الحكم، لذا وجب على المشرع من أن يحدد له الخطوط الأساسية التي تحكمه خاصة فيما يتعلق باختصاصاته على مستوى محافظة الدولة وكذا التقرير الواجب إعداده في كل دعوى إدارية.
[1] - سواء في فرنسا أو في مصر
[2] مصطفى أبو زيد فهمي، ماجد راغب الحلو، الدعاوى الإدارية، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، سنة 2005 ،ص 612.
[3] أحمد السيد الصاوي، الوسيط في شرح قانون الإجراءات المدنية والتجارية، دار النهضة العربية، بيروت، لبنان، سنة 1990، ص306.
[4] عمار بوضياف، القضاء الإداري في الجزائر بين نظام الوحدة والازدواجية القضائية، دار ريحانة، الجزائر، سنة 2000، ص 62.
[5] - الطيب بلعيز، إصلاح العدالة في الجزائر( الإنجاز التحدي)، دار القصبة للنشر، الجزائر،سنة 2008، ص 320.
[6] كمال الدين موسى،نظام مفوض الدولة في مصر، مجلة مجلس الدولة، السنة الخامسة والسادسة، مؤسسة أخبار اليوم، القاهرة، مصر، سنة 1956، ص274.
[7] وهو ما يعرف بالتفسير القضائي، ونعني به ذلك الإجراء المنهجي الذي تستطيع بواسطته السلطة القضائية، أن تستنبط من حكم أو مجموعة أحكام غامضة من قاعدة أو عنصر من عناصر القاعدة الواجبة التطبيق ويهدف إلى:
1- تحديد المعنى الحقيقي والسليم للقاعدة القانونية باستعمال كافة وسائل التفسير والمناهج المعتمدة في عملية التفسير.
2- إزالة اللبس القائم بين أحكام القاعدة القانونية بترجيح حكم على آخر إن لزم الأمر.
3- تكييف القواعد القانونية أو التصرفات القانونية مع ظروف الحال والواقع بعناصره وجزئياته المتغيرة. ولمزيد من الاطلاع أنظر:
- د. عمار عوابدي، قضاء التفسير في القانون الإداري، دار هومة، الجزائر، سنة 2000، ص171،172.
-د. محمد الصغير بعلي، المدخل للعلوم القانونية، دار العلوم، عنابة، الجزائر، سنة2006، ص 72 وما بعدها.
[8] وهذا ما أكده الواقع إذ أن القضاة الإداريين سواء في النظام القضائي الفرنسي أو المصري غالبا ما يستشهدون بتقارير محافظ الدولة لإصدار الحكم في النزاع.
· [1] - انظر المادة 122 من دستور 1996 ، الجريدة الرسمية رقم 76 المؤرخة في 8 ديسمبر 1996 المعدل بـ :القانون رقم 02-03 المؤرخ في 10 أبريل 2002 الجريدة الرسمية رقم 25 المؤرخة في 14 أبريل 2002 ، والقانون رقم 08-19 المؤرخ في 15 نوفمبر 2008 الجريدة الرسمية رقم 63 المؤرخة في 16 نوفمبر 2008.
[2] - بوخميس سهيلة، دور محافظ الدولة في ظل قانون الإجراءات المدنية والإدارية، مجلة العلوم الإنسانية لجامعة محمد خيضر بسكرة، العدد 18، مارس 2010، ص214.
[3] - نبيل صقر، قانون الإجراءات المدنية والإدارية، دار الهدى، عين مليلة الجزائر، سنة 2008، ص172.
[4] - جريدة رسمية رقم ثلاثة لسنة1991.
[5] - عبد الرحمن بربارة، شرح قانون الإجراءات المدنية والإدارية،منشورات البغدادي، الجزائر، سنة2009، ص26.
[6] - محمد جابر عبد العليم، مفوض الدولة في القضاء الإداري، دار الكتب القانونية، المحلة الكبرى، مصر،سنة2007، ص375.
[7] - حسين بن شيخ آث ملويا، المنتقى في قضاء مجلس الدولة، الجزء الثالث، دار هومة، الجزائر،سنة2005، ص14.
[8] - كالتدخل الهجومي أو التدخل الإنضمامي أو طلب لترك الخصومة أو انقطاعها أو انتهائها أو وقفها أو سقوطها أو تصحيح شكل الدعوى وأخيرا الأوجه المثارة من طرف الخصوم.
[9]- محمد جابر عبد العليم، المرجع السابق، ص367.
[10]Nicolas Raynaud, Le commissaire du gouvernement prés le conseil d’état,LGDJ , EJA, paris,France,1996, p 139.
[11] Nicolas Raynaud,op cit, p140.
[12] Gustave Peiser, Droit administratif générale, 20éme édition, Dalloz,Paris,France,2000, p246.
[13] - إذ تنص المادة 85 من القانون الأساسي للقضاء على:"الاستقالة حق للقاضي، لا يمكن أن تقرر إلا بناءا على طلب مكتوب من المعني يعبر فيه دون لبس عن رغبته في التخلي عن صفة القاضي.
يودع طلب الاستقالة لدى مصالح وزارة العدل مقابل وصل ثابت التاريخ، ويعرض على المجلس الأعلى للقضاء للبت فيه في أجل أقصاه ستة أشهر."
[14]- أنظر نص المواد 88،89،90،91من القانون الأساسي للقضاء.
[15] - أنظر نص المادة 88 من القانون الأساسي للقضاء.
[16] - أنظر نص المادة87 من القانون الأساسي للقضاء.
[17] - أنظر نص المادة 65 من القانون الأساسي للقضاء.
[18] - محمد جابر عبد العليم، المرجع السابق، ص426.
[19] - عبد الرحمن بربارة، المرجع السابق، ص29.
-
السؤال: حرر مذكرة استخلاصية في صفحتين على الأكثر تتعلق بسريان قرارات الإدارة العامة مستندا على النصوص القانونية والقضائية والدراسات الفقهية التالية:
أولا: النصوص القانونية
تنص المادة 97 من القانون 11-10 المؤرخ في 22 يونيو 2011 المتضمن قانون البلدية على: "لا تصبح قرارات رئيس المجلس الشعبي البلدي قابلة للتنفيذ إلا يعد إعلام المعنيين بها عن طريق النشر إذا كان محتواها يتضمن أحكاما عاما أو بعد إشهار فردي بأي وسيلة قانونية في الحالات الأخرى".
وتنص المادة 124 من القانون رقم 12-07 المؤرخ في 21 فبراير 2012 المتضمن قانون الولاية على:" تنشر القرارات المتضمنة التنظيمات الدائمة إذا كانت تكتسي طابعا عاما وفي الحالات المخالفة تبلغ للمعنيين دون المساس بآجال الطعون المنصوص عليها في القوانين المعمول بها".
والمادة 829 من القانون رقم 08-09 المؤرخ في 25 فبراير سنة 2008، والمتضمّن قانون الإجراءات المدنية والإدارية "يحدد أجل الطعن أمام المحكمة الإدارية بأربعة أشهر تسري من تاريخ التبليغ الشخصي بنسخة من القرار الفردي أو من تاريخ نشر القرار الجماعي أو التنظيمي."
المادة 830: "يجوز للشخص المعني بالقرار الإداري تقديم تظلم إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار في الأجل المنصوص عليه في المادة 829 أعلاه. يعد سكوت الجهة الإدارية المتظلم أمامها عن الرد خلال شهرين يمثابة قرار بالرفض ويبدأ هذا الأجل من تاريخ تبليغ التظلم..."
ثانيا: الاجتهاد القضائي
قرار الغرفة الأولى مجلس الدولة فهرس 122 المؤرخ في 23/10/2012 : في قضية السيدة م خ ضد والي ولاية المسيلة: حيث أن المادة 829 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية تنص على تحديد أجل الطعن أمام المحكمة الإدارية بأربعة أشهر تسري من تاريخ التبليغ الشخصي بنسخة من القرار الفردي أو من تاريخ نشر القرار الجماعي أو التنظيمي، مما يجعل هذا الميعاد من النظام العام، هذا من جهة ومن جهة أخرى كان المستأنفون على علم بالقرار المطعون فيه علما يقينيا..."
قرار الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى في قضية (ز م) ضد والي ولاية الجزائر ومن معه (مجلة قضائية العدد الثاني 1994ص 219 وما بعدها): حيث أن النظرية التي أسسها الاجتهاد القضائي والمتعلقة بالعلم اليقيني يجب تطبيقها بشكل محدود جدا، وبتقديم الدليل القاطع الذي لا يمكن رفضه، والذي يثبت رسميا بأن المعني قد علم بلا منازع بالقرار المطعون فيه، وحيث أنه في دعوى الحال فإن مجرد وجود الحكم الصادر عن محكمة بئر مراد رايس ، لا يمكن أن يشكل الدليل على علم الطاعن بالمقرر المطعون فيه ، إلا في الحالة التي يقدم فيها الدليل على تبليغ هذا الحكم للطاعن مثبتا بذلك شكل رسمي على الطاعن علمه بالقرار المطعون فيه".
قرار الغرفة الغرفة الرابعة لمجلس الدولة ، فهرس 259 المؤرخ في 28/06/1999 في قضية بلدية حمر العين ضد بودور محمد: من المقرر قانونا أن العلم بالقرار الإداري المطعون فيه لا يمكن اعتباره علما يقينيا، إلا من اليوم الذي يبلغ فيه قرار الغرفة المدنية بالمجلس القضائي الذي يشير إلى القرار المطعون فيه وليس من يوم النطق بالقرار أو من يوم الاستظهار به في الجلسة ، ومن ثم فإنه إذا لم يثبت تبليغ قرار المجلس القضائي الغرفة المدنية الصادر بتاريخ 12/06/1992 كان الطعن التدرجي المسبق المرفوع بتاريخ 22/06/1992 صحيحا ويستوجب قبوله...".
ثالثا: الفقه
مقتطف من كتاب: القرار الإداري (دراسة تشريعية قضائية وفقهية) للأستاذ الدكتور عمار بوضياف
تسري القرارات الإدارية من تاريخ العلم بها حتى يتمكن المعنيون بها من اتخاذ موقف تجاه هذه القرارات خاصة وأنه ترتب آثارا قانونية ، لذا لا يجوز للأدارة العامة أن تتمسك بها إذا لم يحدث العلم بها عن طريق النشر أو التبليغ كأصل عام ، أو عن طريق آلية أخرى من صنع القضاء وهي العلم اليقيني.
1- النشر: يقصد بالنشر اتباع الإدارة العامة الشكليات المقررة لكي يعلم الجمهور بالقرار وعرف أيضا على أنه إعلام الأفراد بموجبات القرار الذي تصدره الإدارة ،ومتى علم المعنى بالقرار أو افترض فيه العلم بواسطة النشر ترتب عنه جملة من الآثار القانونية أهمها بدء سريان آجال الطعن الإداري والقضائي،
ويشمل نشر القرار كافة محتوياته حتى يلم أصحاب المصلحة به إلماما نافيا للجهالة، وهو التزام يقع على عاتق الإدارة ويكفل للمعنيين به ضمانه العلم بمضمون القرار ، عن طربق العديد من الطرق التي تكفل العلم له مثل: نشرة القرارات الإدارية الخاصة بالمرفق .
2- التبليغ: ويقصد بها اخطار المعني بالقرار الاداري رسميا بالكبفبة التي حددها القانون أو المعتمدة داخل الدولة ، وكقاعدة عام ليس للتبليغ شكل خاص المهم أم يصل القرار للمعنيين به بكل محتوياته ، فيعتبر بذلك اعلانا صحيحا، ويتميز العلم بواسطة التبليغ أنه علم حقيقي وثابت في حق المبلغ اليه بخلاف العلم بواسطة أسلوب النشر فهو علم فرضي ، يفترض أن المعني اطلع على القرار وينفذ في حقه بعد النشر ولو لم يطلع عليه.
3- العلم اليقيني : يتحقق العلم اليقيني بالقرار باتصال علم الأفراد به بطريقة مؤكدة عن غير طريق الادارة ، بحيث يكون هذا العلم شاملا لجميع عناصر القرار الاداري ، وعليه فإنه ان لم تقدم الادارة على تبليغ قرارها للمعني به ومع ذلك تحقق العلم بمضمون القرار كنا أمام حالة العلم باليقين وهي نظرية لا تقوم على فكرة الظن أو الاحتمال ، بل تقوم على التأكيد والقطع والجزم وإزالة كل شك أن المعني بلغ إلى علمه القرار بغير طريق الإدارة.
وحتى نكون أمام العلم اليقيني وجب توافر الشروط التالية :
· أن يحصل العلم بغير النشر أو التبليغ، فيجب أن يثبت عدم قيام الادارة باتباع اجراءات نشر القرار أو تبليغه أيا ما كانت الأسباب التي دفعتها لذلك كالاهمال أو عدم الاكتراث أو النسيان أو كثر الاعمال... فإن تحقق قيامها بإجراء النشر أو التبليغ فلا يمكن تطبيق فكرة العلم اليقيني.
· أن يكون علم المعني بالقرار قطعيا لا ظنيا ، فالقرار الاداري يسري في حق المعني فقط إذا تم التأكد أن المعني بالقرار صار عالما به رغم عدم اتباع اجراءات النشر أو التبليغ من جانب الادارة، كأن يعلم به عن طريق شخص تابع لنفس الجهة مصدرة القرار.
· أن يشمل العلم بالقرار جميع أجزائه وعناصره أي أن المعني يجب أن يعلم بكافة عناصر القرار علما يمكنه من تحديد مركزه القانوني بالنسبة للقرار المطعون فيه .
الاجابة النموذجية لامتحان السداسي الثاني في مادة المنهجية
المرحلة التحضيرية:
الكلمات المفتاحية: النشر، التبليغ، العلم اليقيني.
الفكرة العامة: وسائل العلم بالقرارات الإدارية
أو سريان القرارات الإدارية
الأفكار الأساسية: 1-وسائل الإعلام التشريعية.
2-وسائل الاعلام القضائية.
الخطة:المبحث الأول: وسائل الإعلام التشريعية
المطلب الأول: النشر
المطلب الثاني: التبليغ
المبحث الثاني: وسائل الإعلام القضائية.
المطلب الأول: العلم باليقين
المطلب الثاني: شروط العلم باليقين.
خاتمة.
المرحلة التحريرية:
مقدمة:
يتناول موضوع الملف سريان القرارات الإدارية على اختلاف أنواعها في مواجهة المخاطبين بها، الذي حاول المشرع الجزائري تكريسه في العديد من النصوص، لعل أبرزها ما جاء في الوثيقة، كنص المواد 97 من قانون البلدية و المادة 124 من قانون الولاية، و المواد 829و 830 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية ، و طبقه القضاء الإداري الجزائري في العديد من المناسبات ، و خاصة بعد تبني الازدواجية القضائية، و لعل أبرز تطبيقاتها في هذا الخصوص القرار رقم 122 المؤرخ في 23/10/2012 الصادر عن الغرفة الأولى لمجلس الدولة، و القرار رقم 259 المؤرخ في 28/06/1999 الصادرة عن الغرفة الرابعة لمجلس الدولة و القرار الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى و دون أن ننسى الفقه الذي كان سباقا لعرض أهم الإشكالات القانونية التي تترتب عن فكرة سريان القرارات الإدارية في وجه المخاطبين بها، و هذا مما يستشف من مؤلف الدكتور عمار بوضياف الموسوم بالقرارات الإدارية (دراسة تشريعية و قضائية و فقهية) .الإشكالية: ماهي الوسائل القانونية المعتمدة قانونا لمخاطبة المنتفعين بخدمات المرافق العامة؟ و ما مصدرها؟إن الإجابة عن الإشكالية أعلاه تقتضي بالضرورة إتباع الخطة المبينة أناده: مقدمة:
المبحث الأول: وسائل الإعلام التشريعية
المطلب الأول: النشر
المطلب الثاني: التبليغ
المبحث الثاني: وسائل الإعلام القضائية.
المطلب الأول: العلم باليقين
المطلب الثاني: شروط العلم باليقين.
خاتمة.
المبحث الأول: وسائل الإعلام التشريعية.
أحدث المشرع الجزائري العديد من الأليات القانونية التي من شأنها أن تكفل وتضمن علم المعني المخاطب بالقرارات بمحتوى هذا الأخير سواء كان فرديا أو تنظيميا ومن بين تلك الأليات لدينا النشر والتبليغ.
المطلب الأول: النشر.
بالنظر إلى الوثيقة موضوع المذكرة نجد أن المشرع يؤكد على أن الوسيلة الوحيدة للعلم بالقرارات الإدارية التنظيمية عن طريق النشر وذلك بموجب المادة 97 من قانون البلدية بنصها ".... عن طريق النشر إذا كان محتواها يتضمن أحكاما عامة...." وكذلك نص المادة 124 من قانون الولاية بنصها "...كنشر القرارات التضمن التنظيمات الدائمة إذا كانت تكتسب طبعا عاما ..."وكذا نص المادة 829من ق إ م إ التي تنص "...من تاريخ القرار الجماعي أو التنظيمي.." لذا عمد الدكتور عمار بوضياف إلى تعريفها في كتابه القرارات الإدارية على أنها " يقصد بالنشر اتباع الإدارة العامة الشكليات المقررة لكي يعلم الجمهور بالقرار وعرف أيضا على أنه إعلام الأفراد بموجبات القرار الذي تصدره الإدارة..."
وكرسها القضاء الإداري الجزائري في العديد من المناسبات جعل المواعيد تحتسب من تاريخ النشر وهي من النظام العام، وجل أحكامها بهذا الخصوص مستقرة على هذا المبدأ (نشر القرارات التنظيمية) مما يدفعنا إلى القول إن فكرة النشر جعلت كل الوثائق المذكرة الاستخلاصية متوافقة فيما بينها.
المطلب الثاني: التبليغ.
بالنسبة إلى التبليغ فقد ربطه المشرع الجزائري بالقرارات الإدارية الفردية التي تخص فردا بعينه أو حالة بذاتها، فيتحقق العلم بها بمجرد تبليغ المخاطبين بمحتوى القرار الإداري الفردي و بالرجوع إلى المشرع الجزائري نجده تارة يستخدم عبارة "إشهار" وتارة أخرى " تبليغ" وهي غالبا تؤدي نفس المعنى و هو إعلام المعني بمحتوى القرار و عن طريق أية طريقة قانونية تحددها الإدارة المعنية ، و الواضح هنا أن المشرع ترك طرق التبليغ لسلطة للإدارة العامة و إمكانياتها فطرق التبليغ تختلف ما بين الطرق التقليدية البطيئة و الطرق الحديثة السريعة التي أصبحت تدخل ضمن العصرنة الإدارية هذا ما أكدته المادة 97 من قانون البلدية التي نصت على. «.. أو بعد إشهار فردي بأي وسيلة قانونية في الحالات الأخرى " وكذا نصت ال مادة124من قانون الولاية ".... تبليغ للمهنيين.." وكذا المادة 829 ق إ م والتي تنص "... من تاريخ التبليغ الشخصي بنسخة من القرار الفردي..."
وفي نفس السياق وبشكل مكمل ومتوافق نهج الفقه نفس النهج الذي اتبعه المشرع حيث عرف الدكتور عمار بوضياف التبليغ في مؤلفه (القرار الإداري) على أنه " ويقصد بها اخطار المعني بالقرار الاداري رسميا بالكبفبة التي حددها القانون أو المعتمدة داخل الدولة ، وكقاعدة عام ليس للتبليغ شكل خاص المهم أم يصل القرار للمعنيين به بكل محتوياته......." ناهيك عن أحكام القضاء الإداري مستقرة في هذا الخصوص حيث تؤكد جلها على أن القرارات الفردية تبلغ للمعنيين بها وهي ألية تستخدم للعلم بمحتواها.
المبحث الثاني:وسائل الاعلام القضائية
بالإضافة إلى الوسائل التي اتبعها المشرع الجزائري لإعلام المخاطبين بالقرار حتى تكون سارية في حقهم ألا وهي النشر والتبليغ خلق وأحدث القضاء الإداري وسيلة أخرى إلى جانبهم تمكن الأفراد من العلم بالقرار الصادرة في حقهم وهي العلم باليقين.
المطلب الأول: نظرية العلم باليقين.
لا وجود لفكرة العلم باليقين على مستوى التشريع، بذلك لأنها من خلق القضاء اعترف بوجودها وأكد على أن الأفراد يمكن أن يعلموا بمحتوى القرار الإداري سواء كان فرديا أو تنظيميا بطريقة أخرى غير النشر أو التبليغ وهي نظرية العلم اليقين الذي اكتفى بتحديد شروطها دون أن يتصدى لتحديد مفهومها. وفي هذا الصدد عرفها الدكتور عمار بوضياف على أنها:" يتحقق العلم اليقيني بالقرار باتصال علم الأفراد به بطريقة مؤكدة عن غير طريق الادارة ، بحيث يكون هذا العلم شاملا لجميع عناصر القرار الاداري....." وبذلك نجد أن الفقه توافق مع القضاء وكمل هذه النظرية من خلال معظم أحكامه إلا انه في بعض الأحيان ينفي وجودها كما هو الحال في قرار الغرفة الغرفة الرابعة لمجلس الدولة ، فهرس 259 المؤرخ في 28/06/1999 في قضية بلدية حمر العين ضد بودور محمد.
المطلب الثاني: شروط نظرية العلم باليقين.
على خلاف التشريع تصدى كل من القضاء والفقه لتحديد شروط فكرة نظرية العلم اليقين لكن أحكام القضاء بخصوص هذه المسألة غير مستقرة لأنها استثناء من القاعدة العامة (النشر والتبليغ) فتارة يأخذها وتارة أخرى لا يأخذها ويبقى وجودها وتطبيقها يتم في حدود ضيقة جدا وضمن شروط محددة وهي:
1- أن يحصل النشر بغير طريق النشر والتبليغ.
2- أن يكون علم المعني بالقرار قطعيا لا ظنيا.
3- أن يشمل العلم جميع وأجزاء القرار الإداري.
خاتمة:
بعد الاطلاع على وثائق المذكرة الاستخلاصية نجد أن هناك توافق وتكامل بين القضاء والتشريع و الفقه و بخصوص طرق الإعلام التشريعية (لنشر و التبليغ) و تطبيقها على مستوى القضاء مستقرة لكن عندما يتعلق الأمر بنظرية العلم اليقين فإن المشرع الجزائري لم ينص على وجودها أو على عدم وجودها، بخلاف الفقه و القضاء اللذان أكدا على إمكانية العلم عن طريقها لكن في حدود و شروط معينة فهي شاذة و لا يمكن القياس عليها و لا يمكن الاعتراف بوجودها أو الاعتماد عليها إلا بتوفر شروطها.
-