مدخل إلى الخطر والمخاطر
مدخل مناهيمي:
مما لاشك فيه أن الإنسان في حياته اليومية العامة أو الخاصة يتعرض لأخطار إن تحققت تسببت في خسائر نفسية أو مادية أو كلاهما معا، والإنسان يتميز عن غيره من المخلوقات بمقدرته على التصرف واتخاذ القرار، وبالرغم من هذه المنحة والهبة الربانية إلا أن هناك من العوامل الطبيعية ما قد تحد في بعض الأحيان من مقدرته وتجعلها في محك حقيقي، وذلك نظرا لعدم معرفته ما سيحدث مستقبلا وما ينشأ لديه في كثير من الأحيان حالة معنوية تجعله يشك بقدر ما في صحة أي قرارات يريد اتخاذها بما يدفعه إلى التفكير أكثر من مرة حين اتخاذ هذه القرارات.[1]
- مفهوم المخاطر
اختلفت التعاريف الخاصة بالخطر وتعددت، وهنا سوف نعطي بعض التفسيرات التي وردت عن منهوم الخطر. ومن خلالها سنحاول وضع تعريف محدد يتماشى مع الواقع العملي لحياتنا اليومية وكذا مع الخصائص الفردية للإنسان 1 ومنها:
الخطر في اللغة العربية يعني الإشراف على الهلاك وخاطر بنفسه أي عرضها على خطر (الدباغ، أما في اللغة الانكليزية فكلمة خطر(Risk) مستوحاة من المصطلح اللاتيني (Riscass ) التي تعني حدوث التغيير والانحراف عن المتوقع أو إنها تعود إلى الكلمة الفرنسية (Risque) التي بدأ استخدامها منذ منتصف القرف السابع عشر.
وترد ثلاث كلمات بمعنى الخطر في اللغة الانكليزية ، تستعمل كل منها بديلاً عن الأخرى، الأولى منها (Risk) وتعني الرزء أو المصيبة في قضايا لها نتائج ضارة وسيئة، وتسبب الخسارة عند التعرض لها، والثانية: ( Hazard) فهي المجازفة التي تخلق أو تزيد من الخطر بزيادة العوامل المؤدية إلى وقوع الخسائر. وكلمة ( Hazard) تعني كذلك مصدر الخطر، وهو الظرف الذي يزيد او يقلل من حدوث الخطر والخسارة الناجمة عنه. اما الثالثة فهي (Peril) وتعني السبب الرئيسي في الحدث الذي أدى إلى وقوع الخسائر.
كما يوجد خلط لغوي في العلوم الإدارية بين المخاطرة والمخاطر، فالمخاطرة تجمع على مخاطرات لا على مخاطر، أما (مخاطر) فهي المرادف ل (اخطار) وهي جمع خطر، وتستخدم المخاطرة في المناهيم المالية ووهي تعني المجازفة المالية التي يقوم بها المستثمر ولا تشير إلى المخاطر التي تواجه المنظمة بسبب المناجئات أو التهديدات الخارجية، بل انها تشير إلى الاعمال والقرارات الإرادية التي يقوم بها المدير المالي في المنظمة، اما المخاطر فهي احداث خارجية وداخلية تحدث بسبب التهديدات الخارجية أو ما ينشأ عنها.
o تعريف الخطر كمفهوم
1- يعرف Dan Borge الخطر بأنه حدث أو تأثير يهدد النجاح في انجاز اعمال المنظمة من حيث الوقت أو الجودة.
2- يعرف كل من وليامز وهاينز الخطر بأنه "الشك الموضوعي فيما يتعلق بنتيجة موقف معين " .2أي أن الخطر هو حالة من عدم التأكد.
3- كما عرف البروفسور الاقتصادي نايت ((Nhightالخطر على أنه "حالة عدم التأكد الممكن قياسها".3
4- و قد قام آخرون بتعريف الخطر على أنه "الخسارة المادية المحتملة نتيجة وقوع حادث " ذلك أن احتمال وقوع الحادث ليس هو العنصر الوحيد لقياس درجة الخطر، ولكن حجم الخسارة المحتملة يعتبر عنصرا رئيسيا يدخل عند تقدير درجة الخطر.
5- وتعرف المنظمة العالمية للتقييس (ISO) الخطر على أنه "تأثير عدم التأكد على تحقيق الأهداف[2]"، وضحت ذلك من خلال خمسة ملاحظات هي:
- التأثير هو الفجوة الإيجابية أو السلبية لما هو متوقع.
- يمكن ان يكون للأهداف عدة جوانب: مالية، صحية، أمنية، أو بيئية، كما يمكن أن ترتبط بمستويات متعددة؛ مستوى استراتيجي، مستوى مشروع معين، على مستوى المنتوج، مستوى عملية، أو منظمة ككل.
- الخطر غالبا ما يمتاز بمرجعيته إلى الأحداث والنتائج المحتملة، أو العلاقة بينهما.
- الخطر في العادة يفسر على أساس العلاقة بين النتائج والأحداث (بما فيها تغير الظروف) واحتمالاتها.
- عدم التأكد هو حالة؛ من غياب المعلومات المتعلقة بالفهم، أو معرفة الحدث، والآثار الناجمة عنها، أو احتمال حدوثها.
ونستنتج من كل هذه التعاريف والإسهامات أن الخطر يمكن أن يعرف على أنه "حالة من عدم التأكد أو القلق الذي يلازم متخذ القرار نتيجة عدم تأكده من نتيجة قراراته والتي قد ينتج عنها خسائر مادية أو معنوية." إن خصوصية المخاطر بالمقارنة بالأزمنة السابقة وبفضل التقدم العلمي والرقي التكنولوجي قد تبدلت وتباينت، ولكن المخاطر ستضل باقية وملازمة للإنسان ما بقيت الحياة، الشيء الذي يجرنا إلى تتبع أبرز المحطات التاريخية للعلاقة بين الإنسان والمخاطر المحيطة به.
· أنواع المخاطر:
يمكن تصنيف المخاطر لعدة فئات مختلفة وفق الشكل التالي:
- المخاطر المعنوية: وهي المخاطر التي عند تحققها لا تؤدي إلى وقوع خسائر مادية مباشرة في الممتلكات أو الدخل والأصول الرأسمالية، ولكن يكون لها وقع نفسي سيئ على الشخص متحمل وقوع الخطر والمتضرر منه. هذا النوع من الأخطار لا يمكن تحديد أبعاده وخسارته المتوقعة فهي مرتبطة بأمور متغيرة قد يتعذر قياسها كميا، حيث يحكمها محددات معظمها معنوية وسيكولوجية وتختلف من شخص لآخر.1
- المخاطر المادية: هي تلك المخاطر التي يتولد عنها خسائر مادية ومالية واقتصادية تصيب الأشخاص في مركزهم المالي نتيجة تحقق ظاهرة الخطر وتشمل هذه الأخطار:
أ- أخطار مباشرة تمثل قيمة الخطر الفعلية.
ب- أخطار غير مباشرة التي تنشأ وتتأثر بحجم الخسارة الفعلية وتسمى أحيانا الأخطار الإضافية ومن الخسائر الغير المباشرة، التلف الذي يحدث للأشياء المؤمن عليها من جراء تصرفات رجال الإطفاء عند قيامهم بواجباتهم واضطرارهم إلى هدم حواجز للوصول إلى مكان الحريق، وأيضا الخسائر بسبب العوامل الحيوية أو خسائر أثناء نقل البضائع من مكان إلى آخر لإنقاذها.ويمكن تقسيم المخاطر المادية إلى:
-1مخاطر المضاربة: وهي المخاطر التي يتسبب في نشأتها ظواهر يخلقها الإنسان بنفسه ولنفسه بغرض الربح أو الخسارة ،2أو تحقيق مكاسب مالية أو اقتصادية وإن كان لا يعلم بنتائج تحقيقها مقدما وتشمل هذه المخاطر تلك التي تترتب على جميع الأعمال التجارية والصناعية وأعمال الخدمات التي تنشأ بقصد تحقيق الربح من التعامل فيها .3مثال أخطار المضاربة على الأسهم في سوق الأوراق المالية.
-2المخاطر البحتة: وهي المخاطر التي تتسبب فيها ظواهر طبيعية وظواهر عامة ليس للإنسان دخل في وجودها ولا يمكنه تجنبها ويترتب على تحققها خسارة مالية مؤكدة للإنسان، ولا ينطوي مثل هذا التحقق على أي فرصة للربح بأي حال من الأحوال، مثل الزلازل، البراكين، الفيضانات...الخ.
ويمكن تقسيم المخاطر البحتة إلى ثلاثة مجموعات من المخاطر هي:1
:1-2مخاطر الأشخاص: وهي تلك المخاطر التي إذا تحققت مسبباتها في صورة حادث كان موضوع التأثير هو الشخص الطبيعي، سواءً كان في دخله أو في حياته أو في صحته، مثل أخطار الوفاة والمرض، الإصابات البدنية وغيرها. مما يترتب على تحققها في صورة حادث خسارة كلية أو جزئية، مباشرة أو غير مباشرة لكل من تعرض لمثل هذه الأخطار.
:2-2أخطار الممتلكات: وهي تلك الأخطار التي إذا تحققت مسبباتها في صورة حادث كان موضع التأثير هو الممتلكات سواءً كانت في صورتها الثابتة أو المنقولة مثل الحريق، الضياع، السطو والسرقة .2وغيرها من المخاطر التي تتعرض لها الممتلكات والتي إذا تحققت ترتب عليها خسائر كلية أو جزئية في تلك الممتلكات، حيث ينتج عنها فناء تلك الممتلكات أو نقص في قيمتها.
:3-2مخاطر المسؤولية: وهي تلك المخاطر التي إذا تحققت مسبباتها في صورة حادث فإنها تصيب مسؤولية الشخص المدنية أمام القانون إتجاه الغير عما قد يصيبهم في أشخاصهم أو في ممتلكاتهم مما يترتب عليه إلتزامه بتعويض من وقع عليه الضرر، وذلك بما يقضي به القانون ومثال ذلك مسؤولية صاحب العمل تجاه عماله، ومسؤولية الأطباء تجاه مرضاهم ومسؤولية السائق أو مالك المركبة تجاه المشاة وممتلكات الغير.
3- المخاطر العامة أو الخاصة : ويعتبر أساس هذا التصنيف هو ما إذا كان الخطر المحقق في صورة حادث يصيب أفراد أم جماعات، حيث أن:
-1المخاطر العامة : وهي تلك المخاطر التي إذا تحققت شروطها ومسبباتها في صورة حادث فإنها تصيب جماعات كبيرة من الأفراد داخل النظام الاقتصادي 1والاجتماعي، مثل التضخم، البطالة، وكذا خطر الكوارث الطبيعية كالأعاصير، الزلازل، الفيضانات وغيرها.
-2المخاطر الخاصة : وهي تلك المخاطر التي إذا تحققت مسبباتها في صورة حادث فإنها تصيب شخص أو مجموعة قليلة من الأشخاص في آن واحد مثل الوفاة الطبيعية، العجز، المرض....2
من خلال هذا نلاحظ أن منهوم المخاطر قد تطور فاتسع مداه، وأضحى متسارعا خاصة مع المتغيرات البيئية الجديدة الشديدة التجدد والنمو في كافة ميادين الحياة سواءً كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية... الخ. الشيء الذي زاد من حدتها، وصعب من مهمة السيطرة عليها والتحكم فيها، الأمر الذي أوجب ضرورة إيجاد طريقة مثلى وفعالة، قادرة على تحليل وفهم سيرورة عمل هذه المخاطر، انطلاقا من إتباع أسلوب منهجي وعلمي واضح، يمكن ويضمن من أن يكتشف ويحلل ويشخص كافة المخاطر ويعالجها ولما لا الاستفادة منها في نظم العمل المختلفة، هذه الطريقة تتجلى وتظهر في منهوم "إدارة المخاطر."