يفرض الاهتمام بحضارة معينة والتأريخ لأحداثها ومعرفة تطوراتها العامة على الباحث أن يطلع على مصادرها، التي تعتبر مادة أولية لبحوثه ودراساته ليتمكن من الالمام بجوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما وجب عليه أن يترصدها نوعا وكما، لذلك كان الهدف من هذا المقياس معرفة الطلبة لهذه المصادر والاطِّلاع على أنواعها وأساليبها وإدراك أهميتها، ومن ثمة خوض تجربة التعامل معها.

فقد اشتهرت مقولة بين الباحثين في التاريخ وهي: "لا تاريخ بدون مصادر" إذ لا يمكن للباحث أن يكتب دون الرجوع إلى المصادر ليستقي منها المادة الأولية التي تزوده بالنصوص الكفيلة بكتابة أبحاثه، فعملية كتابة التاريخ تقوم على المصادر، وهذا الأمر جعل مهنة المؤرخ والأديب مختلفتان من حيث المادة والغاية، فالأخير مادته من الخيال وغايته المتعة، أما المؤرخ فمادته مأخوذة من المصادر وغايته الوصول إلى الحقائق.

من الضروري التأكيد أن هدف الأستاذ والطالب هنا ليس البحث في تطورات الكتابة التاريخية عند المسلمين، بقدر ما هو استكشاف لأنواع المصادر التي يلجأ إليها في كتابته للتاريخ، وإعادة النظر في الكثير من القضايا التي طرحت فيه، خاصة أنها لا تقتصر على المصادر التاريخية فحسب، وإنما على كل المصادر المتنوعة والبديلة التي تسهل دراسة المجتمعات الإسلامية وجوانبها الحضارية والسياسية