لعل أكثر التعريفات دقة وأوفرها ضبطا، هي تلك التي تنظر إلى المعجم من حيث الطبيعة والوظيفة، بحيث يصبح المعجم غداتها " أداةً تنظم المعلومات بحسب قائمات من الكلمات، فإن كان الهدف منها تركيز مضامينها على عناصر اجتماعية فهي معاجم ثقافية ، أما إذا كان هدفها وضع نصوص تعتمد عناصر لغوية، فهي معاجم تربوية "
ومن ثم، لم يَعُدِ المعجم عبارة عن قائمة من المداخل المعجمية تقابلها قائمة من المترادفات، الأمر الذي حدا ببعضهم إلى اعتباره مجموعا غير منظم من الوحدات المعجمية، وهذا المجموع ليس إلا ذيلا للنحو يوفر للنحوي كل المعلومات الضرورية عن الوحدات المعجمية المفردة وعن مختلف الصيغ التي ترد فيها على حد اعتبار رواد المدرسة التوزيعية، بقدر ما يشكّل مجموعة منتظمة من العلاقات تحكمها صلات رَحَمِيَة – مجسّدة في ظاهرة الاشتقاق - تربط المفردات بعضها ببعض .
تتعدد حاجة المستعملين إلى المعجم بتعدد مؤيدات الاسترشاد به، الأمر الذي يطرح قضية قدرة المعجم على استيعاب استعمالات لغوية معيّنة ( الرصيد اللغوي ) تُحَقّق طموح مستعمليه (المتعلّمين)، إلاّ أنّ هذه القدرة لا تظهر من خلال سعة المعجم وحجمه وكثرة عـدد مداخله، بقدر ما تتجلى في الوظيفة التي يؤديها، والجمهور الذي يعنيه، وهذا ما أفضى إلى تنوع المعاجم المدرسية من حيث؛ موادها ومناهجها، عامها وخاصها، وانكشف هذا التنوع عن معاجم مدرسية تسع شرائح المتعلمين كلّها، ومعاجم نوعية تلبي حاجة ذوي الاختصاصات العلمية أو الأدبية أو الفنية.
لما كان المعجم المدرسي بهذه المنزلة، تهافت على طلبه المعجميون،كلٌ يُشْرِبُه من الينبوع الذي نهل منه فعنّ من المعاجم المدرسية ما تشكلت مادته اللغوية وفق تصورات صانعيها، المختلفة في كثير مـن الأحيان؛ ففي الوقت الذي جعلها بعضهم خالصة للتعبير عن مقتضيات الحياة المعاصرة، أرادها البعض الآخر مشربة بشيء من القديم الذي يمتّن الصلة بين ماضي الأمة وحاضرها. الأمـر الذي جعل مادة المعجم المدرسي المعاصر يتعاورها مصطلحان كبيران هما: الواقع والتجريد، وبالتالي طُرِحَ سؤال كبير مفاده: هل المعجم المدرسي معجم وظيفي يضمّ المُستعْمَل من اللغة في الوسط الطلابي، أم هو مختصر للمعاجم العامة التي تهتمّ بجمع اللغة والحفاظ عليها من التّلف؟
- Enseignant: SOUILAH KACHI